نام کتاب : دراسات تاريخيّة من القرآن الكريم نویسنده : محمد بيومي مهران جلد : 1 صفحه : 171
وتعالى ، حين فرغ من قصة المذبوح من ابني إبراهيم ، فإنه يقول «وَبَشَّرْناهُ
بِإِسْحاقَ نَبِيًّا مِنَ الصَّالِحِينَ» [١] ، فالإتيان بالبشرى بعد ذكر القصة صريح في أن إسحاق غير
الغلام الذي ابتلى الله إبراهيم بذبحه وعودة الضمير إلى الغلام الذبيح ، ثم ذكر
اسم إسحاق معه صريحا ، يقتضي التغاير بين إسحاق والذبيح [٢].
ويضيف الإمام
ابن تيمية إلى ذلك ، أن قصة الذبيح المذكورة في سورة الصافات [٣] تدل على أنه إسماعيل ، إذ يقول سبحانه وتعالى «فَبَشَّرْناهُ
بِغُلامٍ حَلِيمٍ» ، فقد انطوت البشارة هنا على ثلاث : على أن الولد غلام ذكر ، وعلى أنه
يبلغ الحلم ، وعلى أنه يكون حليما ، وأي حلم أعظم من أن يعرض عليه أبوه الذبح ،
فيقول «سَتَجِدُنِي إِنْ شاءَ اللهُ مِنَ
الصَّابِرِينَ» ، ثم إنه لم يذكر قصة الذبيح في القرآن الكريم ، إلا في هذا الموضع ، وفي
سائر المواضع يذكر البشارة باسحاق خاصة ـ كما في سورة هود [٤] ـ ثم إنه ذكر في البشارة في الصافات ، بأنه غلام حليم ، وحين ذكر البشارة
باسحاق ، وصفه بأنه غلام عليم [٥] ، والتخصيص لا بد له من حكمة ، وهذا مما يقوّي اقتران
الوصفين ، والحلم هنا مناسب للصبر الذي هو خلق الذبيح ، هذا فضلا عن أن إسماعيل قد
وصف بالصبر ، دون إسحاق ، في قوله تعالى «وَإِسْماعِيلَ
وَإِدْرِيسَ وَذَا الْكِفْلِ كُلٌّ مِنَ الصَّابِرِينَ» [٦] ، وبصدق الوعد ، «إِنَّهُ كانَ صادِقَ
الْوَعْدِ» [٧] ، لأنه