نام کتاب : دراسات تاريخيّة من القرآن الكريم نویسنده : محمد بيومي مهران جلد : 1 صفحه : 139
خوارق الفلك ، وأسندت إليه واقعة بينة البطلان بذاتها ، وغير قابلة الوقوع
... وواضح من أسلوب نقدهم أنهم يكتبون لإثبات دين ، وإنكار دين ، ولا يفتحون
عقولهم للحجة حيث تكون ، فضلا عن الاجتهاد في طلب الحقيقة ، قبل أن يوجههم إليها
المخالفون والمختلفون ، أما الواقع الغريب حقا ، فهو طواف إبراهيم بين أنحاء
العالم المعمور ، ووقوفه دون الجنوب ، لغير سبب بل مع تجدد الأسباب التي تدعوه إلى
الجنوب ، ولو من قبيل التجربة والاستطلاع.
ويستطرد
الأستاذ العقاد [١] ـ طيب الله ثراه ـ مبينا الأسباب التي تدعو الخليل إلى الاتجاه نحو الجنوب ـ
نحو الحجاز ـ ذلك لأنه لم يكن صاحب وطن عند بيت المقدس ، سواء نظرنا إلى وطن السكن
أو وطن الدعوة أو وطن المرعى ، فالمتواتر من روايات التوراة أنه لم يجد هناك مدفنا
لزوجه فاشتراه من عفرون الحثي [٢] ، أما الدعوة الدينية فقد كانت الرئاسة فيها الأحبار «إيل
عليون» وكان إبراهيم يقدم العشر أحيانا لأولئك الأحبار [٣] ، ومن المعروف أن من كان معه أتباع يخرجون في طلب
المرعى ، فلا بد لهم من مكان يسيمون فيه إبلهم وماشيتهم بعيدا عن المزاحمة
والمنازعة ، وهكذا كان إبراهيم يعمل في أكثر أيامه ـ كما تواترت أبناؤه في سفر
التكوين ـ فلا يزال متجها نحو الجنوب.
وهناك أسباب
دينية غير الأسباب الدنيوية توحي إليه أن يجرب المسير الى الجنوب ، حيث يستطيع أن
يبني لعبادة الله هيكلا ، غير الهياكل التي كان يتولاها الكهان والأحبار من سادة
بيت المقدس في ذلك الحين ، فقد بدا له أن