قال : ثمّ خرج
يسير حتّى إذا كان من مكّة على ليلتين بعث الله عليه ريحا قصفت يديه ورجليه ،
وشنجت جسده ، فأرسل إلى من معه من اليهود فقال : ويحكم ما هذا الّذي أصابني؟
قالوا : حدّثت
نفسك بشيء؟
قال : نعم.
وذكر ما أجمع عليه من هدم البيت وإصابة ما فيه.
قالوا : ذلك
بيت الله الحرام ، ومن أراده هلك.
قال : ويحكم
وما المخرج ممّا دخلت فيه؟
قالوا : تحدّث
نفسك بأن تطوف به ، وتكسوه ، وتهدي له. فحدّث نفسه بذلك ، فأطلقه الله. ثمّ سار
حتّى دخل مكّة ، فطاف بالبيت ، وسعى بين الصفا والمروة ، وكسا البيت.
وذكر الحديث في
نحره بمكّة ، وإطعامه الناس ، ثمّ رجوعه إلى اليمن ، وقتله ، وخروج ابنه إلى قيصر
، واستغاثته به فيما فعل قومه بأبيه ، وأنّ قيصر كتب له إلى النجاشيّ ، وأنّ
النجاشي بعث له ستّين ألفا ، واستعمل عليهم روزبه حتّى قاتلوا حمير قتلة أبيه ،
ودخلوا صنعاء فملكوها وملكوا اليمن.
وكان في أصحاب
روزبه رجل يقال له : أبرهة ، وهو أبو يكسوم. فقال لروزبه : أنا أولى بهذا الأمر
منك ، وقتله مكرا ، وأرضى النجاشيّ.
ثمّ إنّه بنى
كنيسة بصنعاء ، وسمّاه القلّيس ، وجعل فيها قبابا من ذهب ، وأمر أهل مملكته بالحجّ
إليها ، يضاهي [١] بذلك البيت الحرام ، وأراد أن يصرف إليها الحاجّ. وإنّ
رجلا من بني كنانة خرج حتّى قدم اليمن ، فنظر إليها ثمّ قعد فيها ليلا ، يعني :
لحاجة الإنسان. فدخلها أبرهة فوجد تلك العذرة فيها ، فقال : من اجترأ عليّ بهذا ،
ونصرانيّتي لأهدمنّ ذلك البيت حتّى لا يحجّه حاجّ أبدا. وقيل : أجّجت رفقة