(وَإِنَّ لَنا
لَلْآخِرَةَ وَالْأُولى) فنعطي في الدارين ما نشاء لمن نشاء. أو ثواب الاهتداء
للمهتدين في الدارين ، كقوله : (وَآتَيْناهُ أَجْرَهُ
فِي الدُّنْيا وَإِنَّهُ فِي الْآخِرَةِ لَمِنَ الصَّالِحِينَ)[٢]. أو نستغني عن اهتدائكم ، لأنّ لنا الآخرة والأولى ،
فلا يضرّنا ترككم الاهتداء.
(فَأَنْذَرْتُكُمْ
ناراً تَلَظَّى) تتلهّب (لا يَصْلاها) لا يلزمها مقاسيا شدّتها (إِلَّا الْأَشْقَى) إلّا الكافر ، وهو صاحب النخلة ، فإنّ الفاسق وإن دخلها
لا يلزمها ، بل يخرج عنها بالآخرة لإيمانه. ولذلك سمّاه أشقى ، فكأنّ النار لم
تخلق إلّا له ، ووصفه بقوله :
(الَّذِي كَذَّبَ
وَتَوَلَّى) أي : كذّب الحقّ ، وأعرض عن الطاعة. وقيل : المراد بـ (ناراً تَلَظَّى) طبقة مخصوصة بعينها للأشقى ، لا كلّ طبقات النار. ويدلّ
عليه التنكير الّذي يدلّ على عظمها وانفرادها من بين طبقاتها.
إن قلت : هذا
لا يناسب قوله : (وَسَيُجَنَّبُهَا
الْأَتْقَى) لأنّه قد علم أنّ أفسق المسلمين يجنّب تلك النار
المخصوصة ، لا الأتقى منهم خاصّة.
قلت : هذا
المعنى من حيث المفهوم ، والمفهوم عندنا ليس بحجّة.
(وَسَيُجَنَّبُهَا
الْأَتْقَى) الّذي اتّقى الشرك والمعاصي. وهو أبو الدحداح ، فإنّه
لا يدخلها ، فضلا عن أن يدخلها ويصلاها.