ولمّا كان
سبحانه متصرّفا في جميع ما سواه ، وعالم بكلّه ، فكلّ من فيهما يحقّ عليه أن يؤمن
به ويعبده ويخشع له. فما نقموا منهم هو الحقّ الّذي لا ينقمه إلّا مبطل منهمك في
الغيّ ، مستحقّ لانتقام الله منه بعذاب لا يعدله عذاب ، كما قال :
(إِنَّ الَّذِينَ
فَتَنُوا الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِناتِ) بلوهم ، بأن أحرقوهم وعذّبوهم بالنار (ثُمَّ لَمْ يَتُوبُوا) من فعلهم ذلك ، ومن الشرك الّذي كانوا عليه (فَلَهُمْ عَذابُ جَهَنَّمَ) أنواع عذابه ـ كالزقّوم والغسلين والمقامع ـ بكفرهم (وَلَهُمْ) مع ذلك (عَذابُ الْحَرِيقِ) نار اخرى عظيمة زائدة في الإحراق. يعني : أنّ للفاتنين
عذابين في الآخرة : لكفرهم ، ولفتنتهم. أو المعنى : لهم عذاب جهنّم في الآخرة ،
ولهم عذاب الحريق في الدنيا ، لما روي أنّ النار انقلبت عليهم فأحرقتهم.
وعن الربيع بن
أنس : لمّا ألقوا في النار نجّى الله المؤمنين من النار ، وأخرجت النار إلى من على
شفير الأخدود من الكفّار فأحرقتهم.
ويجوز أن يريد
الّذين فتنوا المؤمنين ، أي : بلوهم بالأذى على العموم ، والمؤمنين : المفتونين
عموما.