ولمّا قدم
سبحانه ما أتى به موسى ، وما قابله به فرعون ، وما عوقب به في الدارين ، عظة لمن
كان على عهد رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم ، وتحذيرا لهم من المثلات ، خاطب عقيب ذلك منكري البعث
، فقال :
(أَأَنْتُمْ أَشَدُّ) أصعب (خَلْقاً أَمِ
السَّماءُ) أي : أخلقكم بعد الموت أشدّ عندكم وفي تقديركم أم
السماء؟ وهما في قدرة الله على السواء. ثمّ بيّن كيف خلقها فقال : (بَناها).
ثمّ فسّر
البناء بقوله : (رَفَعَ سَمْكَها) أي : جعل مقدار ارتفاعها من الأرض ، أو الذاهب في سمت
العلوّ رفيعا مسيرة خمسمائة عام (فَسَوَّاها) فعدلها مستوية ملساء ، ليس فيها تفاوت ولا فطور أصلا.
أو فتمّمها بما علم أنّه صلاحها وكمالها ، من الكواكب والتداوير الّتي ليست بشاملة
على الأرض وغين ها. من قولهم : سوّى فلان أمره إذا أصلحه.
(وَأَغْطَشَ لَيْلَها) أظلمه. من : غطش الليل إذا أظلم ، كقولك : ظلم وأظلمه.