يعني : القرآن ، أو ما يعمّه من المواعظ. و «معرضين» حال ، كقولك : مالك
قائما. والمعنى : لا شيء لهم في الآخرة إذا أعرضوا عن القرآن ونفروا عنه.
(كَأَنَّهُمْ حُمُرٌ
مُسْتَنْفِرَةٌ) شديدة النفار ، كأنّها تطلب النفار من نفوسها في جمعها
للنفار وحملها عليه. وقرأ ابن عامر بفتح الفاء. والمعنى : يطلب منها النفار. (فَرَّتْ مِنْ قَسْوَرَةٍ) شبّههم في إعراضهم ونفارهم عن استماع الذكر بحمر نافرة
فرّت من قسورة ، أي : أسد. فعولة من القسر ، وهو القهر والغلبة. وفي وزنه حيدرة من
أسماء الأسد. وعن الضحّاك ومجاهد : القسورة الرماة الّذين يتصيّدونها.
وفي تشبيههم
بالحمر مذمّة ظاهرة ، وتهجين لحالهم بيّن ، كما في قوله : (كَمَثَلِ الْحِمارِ يَحْمِلُ أَسْفاراً)[١] وشهادة عليهم بالبله وقلّة العقل. ولا ترى مثل نفار
حمير الوحش واطّرادها في العدو إذا رابها رائب ، ولذلك كان أكثر تشبيهات العرب في
وصف الإبل وشدّة سيرها بالحمر وعدوها إذا وردت ماء حال شدّة العطش.
روي : أنّهم
اقترحوا على النبيّ صلىاللهعليهوآلهوسلم عنادا : لن نتّبعك حتّى تأتي كلّا منّا بكتب من السماء
عنوانها : من ربّ العالمين إلى فلان بن فلان اتّبع محمدا. فنزلت :
(بَلْ يُرِيدُ كُلُّ
امْرِئٍ مِنْهُمْ أَنْ يُؤْتى صُحُفاً مُنَشَّرَةً)
قراطيس تنشر
وتقرأ ، كالكتب الّتي يتكاتب بها. أو كتبا كتبت في السماء ، ونزلت بها الملائكة
ساعة كتبت منشّرة على أيديها ، غضّة رطبة لم تطو بعد. ونحوه قوله تعالى : (وَلَنْ نُؤْمِنَ لِرُقِيِّكَ حَتَّى
تُنَزِّلَ عَلَيْنا كِتاباً نَقْرَؤُهُ)[٢]. وقوله : (وَلَوْ نَزَّلْنا
عَلَيْكَ كِتاباً فِي قِرْطاسٍ فَلَمَسُوهُ بِأَيْدِيهِمْ)[٣] الآية.
وقيل : قالوا :
إن كان محمد صادقا فلتصبح عند رأس كلّ رجل منّا صحيفة