وتقديم السلسلة
كتقديم الجحيم للدلالة على التخصيص ، والاهتمام بذكر أنواع ما يعذّب به. و «ثمّ»
لتفاوت ما بين الغلّ والتصلية بالجحيم ، وما بينها وبين السلك في السلسلة ، لا على
تراخي المدّة.
ثمّ علّل ذلك
العذاب الأليم والعقاب العظيم على طريقة الاستئناف مبالغة بقوله : (إِنَّهُ كانَ لا يُؤْمِنُ بِاللهِ
الْعَظِيمِ) كأنّه قيل : ما له يعذّب هذا العذاب الشديد؟
فأجيب بأنّه لم
يكن يوحّد الله في دار التكليف ، ولا يصدّق به. وذكر العظيم للإشعار بأنّه
المستحقّ للعظمة ، فمن تعظّم فيها استوجب ذلك.
(وَلا يَحُضُّ عَلى
طَعامِ الْمِسْكِينِ) ولا يحثّ على بذل طعام المسكين.
يعني : أنّه
يمنع الناس عن أداء الزكاة وسائر الحقوق الواجبة ، فضلا عن أن يبذل من ماله.
وفيه دليلان
قويّان على عظم الجرم في حرمان المسكين : أحدهما : عطفه على الكفر ، وجعله قرينا
له. والثاني : ذكر الحضّ دون الفعل ، ليعلم أنّ تارك الحضّ بهذه المنزلة ، فكيف
بتارك الفعل. وتخصيص الأمرين بالذكر ، لأنّ الكفر بالله أقبح العقائد ، والبخل
وقسوة القلب أشنع الرذائل. وفيه دليل على تكليف الكفّار بالفروع.
وعن أبي
الدرداء : أنّه كان يحضّ امرأته على تكثير المرق لأجل المساكين ، وكان يقول :
خلعنا نصف السلسلة بالإيمان ، أفلا نخلع نصفها الآخر؟
وقيل : هو منع
الكفّار عن قولهم : (أَنُطْعِمُ مَنْ لَوْ
يَشاءُ اللهُ أَطْعَمَهُ)[١].
(فَلَيْسَ لَهُ
الْيَوْمَ هاهُنا حَمِيمٌ) قريب يحميه ويدفع عنه العذاب (وَلا طَعامٌ) ولا له اليوم طعام (إِلَّا مِنْ
غِسْلِينٍ) غسالة أهل النار ، وما يسيل من أبدانهم من الصديد
والدم. فعلين من الغسل.