العمر إحسان من الله وإفضال ، يوجب عليهم الشكر والطاعة ، ولكنّهم يجعلونه
سببا في الكفر باختيارهم ، فلمّا تدرّجوا به إلى الهلاك وصف المنعم بالاستدراج. (إِنَّ كَيْدِي مَتِينٌ) لا يدفع بشيء. وسمّي إنعامه وتمكينه كيدا ، كما سمّاه استدراجا
، لأنّه في صورة الكيد ، حيث كان سببا للتورّط في الهلكة.
وعن أبي عبد
الله عليهالسلام أنّه قال : «إذا أحدث العبد ذنبا جدّد له نعمة ، فيدع
الاستغفار ، فهو الاستدراج».
ثمّ خاطب
سبحانه النبيّ صلىاللهعليهوآلهوسلم ، فقال على وجه التوبيخ للكفّار ، عطفا على قوله : (أَمْ لَكُمْ كِتابٌ فِيهِ تَدْرُسُونَ).
(أَمْ تَسْئَلُهُمْ
أَجْراً) على الإرشاد (فَهُمْ مِنْ مَغْرَمٍ) من غرامة (مُثْقَلُونَ) بحملها ، فيعرضون عنك.
(أَمْ عِنْدَهُمُ
الْغَيْبُ) اللوح ، أو المغيّبات (فَهُمْ يَكْتُبُونَ) منه ما يحكمون به ، ويستغنون به عن علمك ، أي : لم تطلب
منهم على الهداية والتعليم أجرا ، فيثقل عليهم حمل الغرامات في أموالهم ، فيثبّطهم
ذلك عن الإيمان.
ولمّا كان عدم
انقيادهم لك لا يكون إلّا لفرط عنادهم وتوغّلهم في مكابرتهم ولجاجهم (فَاصْبِرْ لِحُكْمِ رَبِّكَ) وهو إمهالهم ، وتأخير نصرتك عليهم (وَلا تَكُنْ كَصاحِبِ الْحُوتِ) يعني : يونس عليهالسلام في استعجال عقاب قومه (إِذْ نادى) ربّه في