ولمّا بيّن
قصّة النمل أخبر عن قصّة الهدهد ، فقال : (وَتَفَقَّدَ الطَّيْرَ) وتعرّفها فلم يجد فيها الهدهد (فَقالَ ما لِيَ لا أَرَى الْهُدْهُدَ أَمْ كانَ
مِنَ الْغائِبِينَ) «أم» منقطعة ، فإنّه لمّا نظر إلى مكان الهدهد فلم يره ، ظنّ أنّه حاضر ولا
يراه لساتر أو غيره ، فقال : مالي لا أراه. ثمّ احتاط فلاح له أنّه غائب ، فأضرب
عن ذلك وأخذ يقول : أهو غائب؟ كأنّه يسأل عن صحّة ما لاح له. ونحوه قولهم : إنّها
لإبل أم شاء. والكلام من باب صنعة القلب. والأصل : ما للهدهد لا أراه؟ كقولهم :
مالي أراك كئيبا؟ أي : مالك كئيبا؟
روي : أنّ
سليمان عليهالسلام حين تمّ له بناء بيت المقدس تجهّز للحجّ بجنوده ، فوافى
الحرم وأقام به ما شاء. وكان يقرّب كلّ يوم طول مقامه بخمسة آلاف ناقة ، وخمسة
آلاف بقرة ، وعشرين ألف شاة. ثمّ عزم على السير إلى اليمن ، فخرج من مكّة صباحا
يؤمّ سهيلا ، فوافى صنعاء وقت الزوال ـ وذلك مسيرة شهر ـ فرأى أرضا حسناء أعجبته
خضرتها ، ليتغدّى ويصلّي ، فلم يجدوا الماء. وكان الهدهد