قَبَسٍ) أي : شعلة نار مقبوسة ، فإنّ الشهاب شعلة نور كالعمود
من النار ، وكلّ نور يمتدّ مثل العمود يسمّى شهابا. وإضافته إلى القبس لأنّه قد
يكون قبسا وغير قبس.
ونوّنه
الكوفيّون ويعقوب على أنّ القبس بدل منه أو وصف له ، لأنّه بمعنى المقبوس.
وهاتان العدتان
على سبيل الظنّ ، ولذلك عبّر عنهما بصيغة الترجّي في طه [١] والترديد هنا
، للدلالة على أنّه إن لم يظفر بهما لم يعدم أحدهما : إمّا هداية الطريق ، وإمّا
اقتباس النار ، ثقة بعادة الله تعالى أنّه لا يكاد يجمع حرمانين على عبده.
(لَعَلَّكُمْ
تَصْطَلُونَ) رجاء أن تستدفئوا بها. وذلك لأنّهم كانوا قد أصابهم
البرد الشديد. والصلاء : النار العظيمة.
(فَلَمَّا جاءَها
نُودِيَ أَنْ بُورِكَ) أي : بورك ، فإنّ النداء فيه معنى القول ، كأنّه قال :
قيل له بورك. أو بأن بورك ، على أنّها مصدريّة ، أو مخفّفة من الثقيلة ، والضمير
ضمير الشأن. والتخفيف وإن اقتضى التعويض بـ «لا» أو «قد» أو السين أو سوف ، لكنّه
دعاء وهو يخالف غيره في أحكام كثيرة.
(مَنْ فِي النَّارِ) من في مكان النار. وهو البقعة المباركة في قوله تعالى :
(نُودِيَ مِنْ شاطِئِ
الْوادِ الْأَيْمَنِ فِي الْبُقْعَةِ الْمُبارَكَةِ)[٢]. (وَمَنْ حَوْلَها) ومن حول مكانها. والظاهر أنّه عامّ في كلّ من في تلك
الأرض وفي ذلك الوادي وحواليهما من ارض الشام الموسومة بالبركات ، لكونها مبعث
الأنبياء ، وكفاتهم [٣] أحياء وأمواتا ، وخصوصا تلك البقعة الّتي كلّم الله
تعالى فيها موسى عليهالسلام.