وثانيهما : أنّ
الأفّاكين يلقون السمع إلى الشياطين ، فيتلقّون منهم ظنونا وأمارات ، لنقصان علمهم
، فيضمّون إليها على حسب تخيّلاتهم أشياء لا يطابق أكثرها الواقع. ولا كذلك محمّد صلىاللهعليهوآلهوسلم ، فإنّه أخبر عن مغيّبات كثيرة لا تحصى ، وقد طابق
كلّها.
واعلم أنّ محلّ
«يلقون» يجوز أن يكون نصبا على الحاليّة ، أيّ : تنزّل ملقين السمع. أو جرّا صفة
لـ «كلّ أفّاك» لأنّه في معنى الجمع. ويحتمل أن لا يكون له محلّ من الإعراب ، بأن
يكون كلاما مستأنفا ، كأنّ قائلا قال : لم تنزّل على الأفّاكين؟ فقيل : يلقون
السمع ... إلخ.
روي : أنّ
شعراء المشركين من قريش ، مثل عبد الله بن الزبعري السهمي ، وأبو سفيان بن الحرث
بن عبد المطّلب ، وهبيرة بن أبي وهب المخزومي ، ومسافع بن عبد مناف الجمحي ، وأبو
عزّة عمرو بن عبد الله ، ومن ثقيف أميّة بن أبي الصلت ، تكلّموا بالكذب والباطل ،
وقالوا : نحن نقول مثل ما قال محمّد. وكانوا يهجونه وأصحابه في الشعر. واجتمع
إليهم غواة من قومهم ، يستمعون أشعارهم ، ويروون عنهم أهاجيهم ، فنزلت :