(وَلَقَدْ عَلِمَتِ
الْجِنَّةُ إِنَّهُمْ) إنّ الكفرة أو الجنّة ، إن فسّرت بغير الملائكة (لَمُحْضَرُونَ) في العذاب. يعني : أنّهم يقولون ما يقولون في الملائكة
، وقد علم الملائكة أنّهم في ذلك كاذبون مفترون ، وأنّهم محضرون النار ، معذّبون
بما يقولون.
أو قد علمت
الجنّة ـ وهم الجنّ الّذين دعوهم ـ أنّهم لمحضرون العذاب بدعائهم إلى هذا القول.
والمراد المبالغة في التكذيب ، حيث أضيف إلى علم الّذين ادّعوا لهم تلك النسبة.
(سُبْحانَ اللهِ عَمَّا
يَصِفُونَ) من الولد والنسب (إِلَّا عِبادَ اللهِ
الْمُخْلَصِينَ) استثناء من المحضرين منقطع ، أو متّصل إن فسّر الضمير
بما يعمّهم ، وما بينهما اعتراض. أو من «يصفون» أي : يصفه هؤلاء بذلك ، ولكنّ
المخلصين برآء من أن يصفوه به.
ثمّ أعاد
الخطاب إلى الكفّار بقوله : (فَإِنَّكُمْ وَما
تَعْبُدُونَ ما أَنْتُمْ عَلَيْهِ) على الله (بِفاتِنِينَ) مفسدين الناس بالإغواء. من قولك : فتن فلان على فلان
امرأته إذا أفسدها عليه. و «أنتم» ضمير لهم ولآلهتهم ، غلّب فيه المخاطب على
الغائب. ويجوز أن يكون الواو في «وما تعبدون» بمعنى «مع» ، كقولهم : كلّ رجل
وضيعته. فكما جاز السكوت على «كلّ رجل وضيعته» جاز أن يسكت على قوله : «فإنّكم وما
تعبدون» لأنّ قوله : «وما تعبدون» سادّ مسدّ الخبر ، لأنّ معناه : فإنّكم مع ما
تعبدون ، أي : مع آلهتكم. يعني : أنّكم قرناؤهم وأصحابهم لا تزالون تعبدونها. ثمّ
قال : «ما أنتم عليه» أي : على ما تعبدون «بفاتنين» بباعثين ، أو حاملين على طريق
الفتنة والإضلال.