بأنبيائهم (وَما خَلْفَكُمْ) من العذاب المعدّ في الآخرة. أو من نوازل السماء ونوائب
الأرض ، كقوله : (أَفَلَمْ يَرَوْا إِلى
ما بَيْنَ أَيْدِيهِمْ وَما خَلْفَهُمْ مِنَ السَّماءِ وَالْأَرْضِ)[١]. أو من عذاب الدنيا ومن عذاب الآخرة ، أو عكسه. أو ما
تقدّم من الذنوب وما تأخّر.
وروى الحلبي عن
أبي عبد الله عليهالسلام قال : «معناه : اتّقوا ما بين أيديكم من الذنوب وما
خلفكم من العقوبة» (لَعَلَّكُمْ
تُرْحَمُونَ) لتكونوا راجين رحمة الله.
وجواب «إذا»
محذوف دلّ عليه قوله : (وَما تَأْتِيهِمْ مِنْ
آيَةٍ مِنْ آياتِ رَبِّهِمْ إِلَّا كانُوا عَنْها مُعْرِضِينَ) كأنّه قال : وإذا قيل لهم اتّقوا العذاب أعرضوا. ثمّ
قال : ودأبهم الإعراض عند كلّ آية وموعظة ، واعتادوه وتمرّنوا عليه.
(وَإِذا قِيلَ لَهُمْ
أَنْفِقُوا) في طاعته (مِمَّا رَزَقَكُمُ
اللهُ) على محاويجكم ، أي : أخرجوا ما أوجب عليكم في أموالكم (قالَ الَّذِينَ كَفَرُوا) بالصانع. يعني : المعطّلة من أهل مكّة الّذين كانوا
منكرين أن يكون الغنا والعفو من الله. (لِلَّذِينَ آمَنُوا) تهكّما بهم من إقرارهم به ، وتعليقهم الأمور بمشيئته (أَنُطْعِمُ مَنْ لَوْ يَشاءُ اللهُ أَطْعَمَهُ) على زعمكم ، أي : احتجّوا في منع الحقوق ، بأن قالوا :
كيف نطعم من يقدر الله على إطعامه ، ولو شاء أطعمه ، فإذا لم يطعم دلّ على أنّه لم
يشأ إطعامه. وذهب عنهم أنّ الله سبحانه إنّما تعبّدهم بذلك لما لهم فيه من المصلحة
، فأمر الغنيّ بالإنفاق على الفقير ليكسب به الأجر والثواب.
قيل : قاله
مشركو قريش ، حين استطعمهم فقراء المؤمنين ، إيهاما بأنّ الله لمّا كان قادرا أن
يطعمهم ولم يطعمهم ، فنحن أحقّ بذلك. وهذا من فرط جهالتهم ، فإنّ الله يطعم بأسباب
، منها حثّ الأغنياء على إطعام الفقراء.
(إِنْ أَنْتُمْ إِلَّا
فِي ضَلالٍ مُبِينٍ) حيث أمرتمونا ما يخالف مشيئة الله. ويجوز أن يكون جوابا
من الله لهم ، أو حكاية لجواب المؤمنين لهم.