وعن ابن مسعود
: الخطاب للرسل ، فإنّه لمّا نصح قومه أخذوا يرجمونه ، فأسرع نحو الرسل قبل أن
يقتل ، فقال : إنّي آمنت بربّكم أيّها الرسل ، فاسمعوا إيماني تشهدوا لي به.
(قِيلَ ادْخُلِ
الْجَنَّةَ) قيل له ذلك لمّا قتلوه بشرى له بأنّه من أهل الجنّة ،
أو إكراما وإذنا في دخولها كسائر الشهداء.
وعن الحسن :
لمّا همّوا بقتله رفعه الله إلى الجنّة ، وهو فيها حيّ يرزق. فأراد به قوله : (بَلْ أَحْياءٌ عِنْدَ رَبِّهِمْ يُرْزَقُونَ
فَرِحِينَ بِما آتاهُمُ اللهُ مِنْ فَضْلِهِ)[١]. وإنّما لم يقل : له ، لأنّ الغرض بيان المقول وعظمه ،
دون المقول له ، فإنّه معلوم.
والكلام
استئناف في حيّز الجواب عن السؤال عن حاله عند لقاء ربّه. كأنّ قائلا قال : كيف
كانت حاله بعد تصلّبه في نصر دينه؟ فقيل : قيل ادخل الجنّة.
ولذلك (قالَ يا لَيْتَ قَوْمِي يَعْلَمُونَ بِما
غَفَرَ لِي رَبِّي وَجَعَلَنِي مِنَ الْمُكْرَمِينَ) فإنّه مرتّب على تقدير سؤال سائل سأل بحاله ، ليحملهم
على اكتساب مثلها بالتوبة عن الكفر ، والدخول في الإيمان والطاعة المفضيين بأهلهما
إلى الجنّة ، على دأب الأولياء في كظم الغيظ ، والترحّم على الأعداء. أو ليعلموا
أنّهم كانوا على خطأ عظيم في أمره ، وأنّه كان على الحقّ.
و «ما» موصولة
أو مصدريّة. والباء صلة «يعلمون». ويحتمل أن تكون استفهاميّة جاءت على الأصل ،
والباء صلة «غفر لي». يريد به المهاجرة عن دينهم ، والمصابرة على أذيّتهم حتّى
قتل. والمعنى : بأيّ شيء غفر لي ربّي؟ إلّا أنّ حذف الألف من لفظة «ما» حينئذ أجود
من إثباته.
وفي تفسير
الثعلبي بالإسناد عن عبد الرحمن بن أبي ليلى عن النّبي صلىاللهعليهوآلهوسلم :