روي : أنّ
قريشا لمّا بلغهم أنّ أهل الكتاب كذّبوا رسلهم ، قالوا : لعن الله اليهود والنصارى
، لو أتانا رسول لنكوننّ أهدى من إحدى الأمم ، أي : اليهود والنصارى وغيرهم. فلمّا
بعث رسول الله كذّبوه ، فحكى الله سبحانه من قولهم وفعلهم بقوله :
(وَأَقْسَمُوا بِاللهِ
جَهْدَ أَيْمانِهِمْ) يعني : كفّار مكّة حلفوا بالله قبل أن يأتيهم محمّد صلىاللهعليهوآلهوسلم بأيمان غلاظ ، غاية وسعهم وطاقتهم (لَئِنْ جاءَهُمْ نَذِيرٌ) من جهة الله (لَيَكُونُنَّ أَهْدى) إلى قبول قوله واتّباعه (مِنْ إِحْدَى
الْأُمَمِ) أي : من واحدة منهم.
أو من الأمّة
الّتي يقال لها : هي إحدى الأمم ، تفضيلا لها على غيرها في الهدى والاستقامة.
(فَلَمَّا جاءَهُمْ
نَذِيرٌ) يعني : محمدا صلىاللهعليهوآلهوسلم(ما زادَهُمْ) أي : النذير. أو مجيئه ، على الإسناد المجازي تسبّبا ،
لأنّه هو السبب ، كقوله : (فَزادَتْهُمْ رِجْساً
إِلَى رِجْسِهِمْ)[١](إِلَّا نُفُوراً) تباعدا عن الحقّ ، وهربا منه.
(اسْتِكْباراً فِي
الْأَرْضِ) عتوّا على الله ، وأنفة من أن يكونوا تبعا لغيرهم.
وهذا بدل من «نفورا».
أو مفعول له ، أي : لاستكبارهم في الأرض. أو حال ، بمعنى : مستكبرين. وكذا قوله : (وَمَكْرَ السَّيِّئِ) أصله : وأن مكروا المكر السيّئ برسول الله وأصحابه.
فحذف الموصوف استغناء بوصفه بدل «أن» ، مع الفصل بالمصدر ، ثمّ أضيف. والدليل عليه
قوله : (وَلا يَحِيقُ) ولا يحيط (الْمَكْرُ السَّيِّئُ
إِلَّا بِأَهْلِهِ) وهو الماكر. وقد حاق بهم يوم بدر.
وعن النبيّ صلىاللهعليهوآلهوسلم : «لا تمكروا ، ولا تعينوا ماكرا ، فإنّ الله يقول : «ولا
يحيق المكر السّيّئ إلّا بأهله» ولا تبغوا ولا تعينوا باغيا ، لقوله تعالى :