ثمّ بيّن
سبحانه عظيم قدرته المغنية عن اعتضاد شريك ، وسعة مملكته المتقنة الدالّة على كمال
غنائه عمّا سواه ، فقال :
(إِنَّ اللهَ يُمْسِكُ
السَّماواتِ وَالْأَرْضَ) بمحض القدرة التامّة ، من غير علاقة فوقها ، ولا عماد
تحتها.
عن ابن عبّاس
أنّه قال لرجل مقبل من الشام : من لقيت به؟ قال : كعبا. قال : وما سمعته يقول؟ قال
: سمعته يقول : إنّ السماوات على منكب ملك. قال : كذب كعب ، أما ترك يهوديّته بعد؟!
ثمّ قرأ : (إِنَّ اللهَ يُمْسِكُ
السَّماواتِ وَالْأَرْضَ).
(أَنْ تَزُولا) كراهة أن تزولا ، فإنّ الممكن حال بقائه لا بدّ له من
حافظ. أو يمنعهما أن تزولا ، لأنّ الإمساك منع.
(وَلَئِنْ زالَتا) وإن قدّر أن تزولا عن مراكزهما (إِنْ أَمْسَكَهُما مِنْ أَحَدٍ مِنْ بَعْدِهِ) من بعد الله ، أو من بعد الزوال. والجملة سادّة مسدّ
جواب القسم وجواب الشرط. و «من» الأولى زائدة. والثانية للابتداء.
(إِنَّهُ كانَ حَلِيماً
غَفُوراً) غير معاجل بالعقوبة ، حيث أمسكهما وكانتا جديرتين بأن
تهدّا هدّا ، لعظم كلمة الشرك ، كما قال : (تَكادُ السَّماواتُ
يَتَفَطَّرْنَ مِنْهُ وَتَنْشَقُّ الْأَرْضُ وَتَخِرُّ الْجِبالُ هَدًّا)[١].