روي : أنّ
الكفّار كانوا يتعزّزون بالأصنام ، كما قال عزوجل : (وَاتَّخَذُوا مِنْ
دُونِ اللهِ آلِهَةً لِيَكُونُوا لَهُمْ عِزًّا)[١]. والّذين آمنوا بألسنتهم من غير مواطأة قلوبهم كانوا
يتعزّزون بالمشركين ، كما قال تعالى : (الَّذِينَ
يَتَّخِذُونَ الْكافِرِينَ أَوْلِياءَ مِنْ دُونِ الْمُؤْمِنِينَ أَيَبْتَغُونَ
عِنْدَهُمُ الْعِزَّةَ فَإِنَّ الْعِزَّةَ لِلَّهِ جَمِيعاً)[٢]. فبيّن أن لا عزّة إلّا لله ولأوليائه. وقال : (وَلِلَّهِ الْعِزَّةُ وَلِرَسُولِهِ
وَلِلْمُؤْمِنِينَ)[٣].
وهاهنا قال : (مَنْ كانَ يُرِيدُ الْعِزَّةَ) الشرف والمنعة (فَلِلَّهِ الْعِزَّةُ
جَمِيعاً) أي : فليطلبها من عنده ، فإنّ العزّة في الدنيا والآخرة
كلّها مختصّة به. فوضع قوله : (فَلِلَّهِ الْعِزَّةُ
جَمِيعاً) موضعه ، استغناء به عنه ، لدلالته عليه ، لأنّ الشيء لا
يطلب إلّا عند صاحبه ومالكه. ونظيره قولك : من أراد النصيحة فهي عند الأبرار. تريد
: فليطلبها عندهم ، إلّا أنّك أقمت ما يدلّ عليه مقامه.