ثمّ عاد سبحانه
إلى ذكر أدلّة التوحيد ، فقال : (وَاللهُ الَّذِي
أَرْسَلَ الرِّياحَ) وقرأ ابن كثير وحمزة والكسائي : الريح. (فَتُثِيرُ سَحاباً) على حكاية الحال الماضية ، استحضارا لتلك الصورة
البديعة ، الدالّة على كمال القدرة الربّانيّة ، والحكمة البالغة الإلهيّة. ولأنّ
المراد بيان إحداثها بهذه الخاصّيّة ، ولذلك أسنده إليها.
(فَسُقْناهُ إِلى
بَلَدٍ مَيِّتٍ) جدب لم يمطر فيمطر على ذلك البلد (فَأَحْيَيْنا بِهِ الْأَرْضَ) بالمطر النازل منه. أو بالسحاب ، فإنّه سبب السبب. (بَعْدَ مَوْتِها) بعد يبسها. والعدول فيهما من الغيبة إلى ما هو أدخل في
الاختصاص وأدلّ عليه ، لما فيهما من مزيد الصنع.
(كَذلِكَ النُّشُورُ) الكاف في محلّ الرفع ، أي : مثل إحياء الموات نشور
الأموات ، في صحّة المقدوريّة ، إذ ليس بينهما إلّا احتمال اختلاف المادّة في
المقيس والمقيس عليه ، وذلك لا مدخل له فيها.
وروي : أنّه
قيل لرسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم : كيف يحيي الله الموتى؟ وما آية ذلك في خلقه؟ فقال :
هل مررت بوادي أهلك محلا [١] ، ثمّ مررت به يهتزّ خضرا؟ قال : نعم.
[١] واد محل أي :
جدب. والمحل : الجدب ، وانقطاع المطر ، ويبس الأرض.