عن ابن عبّاس :
أنّ اليهود سألوا عن رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم ، أو أمروا وفد قريش أن يسألوه عن قوله تعالى : (وَما أُوتِيتُمْ مِنَ الْعِلْمِ إِلَّا
قَلِيلاً)[١]. وقد أنزلت التوراة وفيها علم كلّ شيء ، فنزلت : (وَلَوْ أَنَّ ما فِي الْأَرْضِ مِنْ شَجَرَةٍ
أَقْلامٌ) ولو ثبت كون الأشجار أقلاما.
وتوحيد «شجرة»
لأنّ المراد تفصيل الآحاد. (وَالْبَحْرُ يَمُدُّهُ
مِنْ بَعْدِهِ سَبْعَةُ أَبْحُرٍ) مقتضى الكلام أن يقال : ولو أنّ الشجر أقلام ، والبحر
مداد. ويكون المعنى : البحر المحيط بسعته مدادا ممدودا بسبعة أبحر. لكن أغنى عن
ذكر المداد قوله : «يمدّه» لأنّه من : مدّ الدواة وأمدّها ، بجعل البحر الأعظم
بمنزلة الدواة ، وجعل الأبحر السبعة مملوءة مدادا ، فهي تصبّ فيه مدادها أبدا صبّا
لا ينقطع.
ورفع «البحر»
للعطف على محلّ «أنّ» ومعمولها ، و «يمدّه» حال. والمعنى : ولو ثبت كون الأشجار
أقلاما في حال كون البحر ممدودا بسبعة أبحر. أو على الابتداء على أنّه مستأنف ،
والواو للحال. ونصبه البصريّان بالعطف على اسم «أنّ» ، أو إضمار فعل يفسّره «يمدّه».
وفي الكلام حذف ، تقديره : ولو أنّ أشجار الأرض أقلام ، والبحر ممدود بسبعة أبحر ،
وكتبت بتلك الأقلام وبذلك المداد مقدورات الله ومعلوماته.
(ما نَفِدَتْ كَلِماتُ
اللهِ) بكتابتها بتلك الأقلام ، وبذلك المداد ، لأنّ ذلك مع
كثرته متناه ، ومعلومات الله ومقدوراته غير متناهية. وإيثار جمع القلّة ـ أعني :