(فَأَتْبَعُوهُمْ) يعني : قوم فرعون أدركوا موسى وأصحابه ولحقوهم (مُشْرِقِينَ) داخلين وقت شروق الشمس. من : شرقت الشمس شروقا إذا
طلعت.
(فَلَمَّا تَراءَا
الْجَمْعانِ) تقاربا بحيث يرى كلّ منهما الآخر (قالَ أَصْحابُ مُوسى إِنَّا لَمُدْرَكُونَ) لملحقون. يعني : سيدركنا جمع فرعون ، ولا طاقة لنا بهم.
(قالَ) موسى : ثقة بنصر الله تعالى (كَلَّا) لن يدركونا ، ولا يكون ما تظنّون ، فانتهوا عن هذا
القول ، فإنّ الله وعدكم الخلاص منهم (إِنَّ مَعِي رَبِّي) بنصره وحفظه (سَيَهْدِينِ) سيرشدني إلى طريق النجاة. وعن السدّي : سيكفيني.
روي : أنّ مؤمن
آل فرعون كان بين يدي موسى ، فقال : أين أمرت؟ فهذا البحر أمامك ، وقد غشيك آل
فرعون! فقال : أمرت بالبحر ، ولعلّي أؤمر بما أصنع.
(فَأَوْحَيْنا إِلى
مُوسى أَنِ اضْرِبْ بِعَصاكَ الْبَحْرَ) وهو نهر النيل ما بين أيلة ومصر. وقيل : هو بحر قلزم ما
بين اليمن ومكّة إلى مصر. فضربه موسى بعصاه.
(فَانْفَلَقَ) فانشقّ البحر ، وظهر فيه اثنا عشر فرقا ، بأن قام الماء
عن يمين الطريق ويساره كالجبل العظيم. وذلك قوله : (فَكانَ كُلُّ فِرْقٍ
كَالطَّوْدِ الْعَظِيمِ) كالجبل المنيف الثابت في مقرّه. فدخلوا في شعابها ، كلّ
سبط في شعب. والفرق : الجزء المتفرّق. والفرق المصدر.
روي : أنّ موسى
عليهالسلام قال عند ذلك : يا من كان قبل كلّ شيء ، والمكوّن لكلّ
شيء ، والكائن بعد كلّ شيء.
(وَأَزْلَفْنا) وقرّبنا (ثَمَّ الْآخَرِينَ) فرعون وقومه ، حتّى دخلوا على أثرهم مداخلهم (وَأَنْجَيْنا مُوسى وَمَنْ مَعَهُ أَجْمَعِينَ) بحفظ البحر على تلك الهيئة إلى أن عبروا (ثُمَّ أَغْرَقْنَا الْآخَرِينَ) بإطباقه عليهم.
(إِنَّ فِي ذلِكَ) في فرق البحر ، وإنجاء موسى وقومه ، وإغراق فرعون