وبعد ذكر أحوال
المؤمنين والمنافقين ، بيّن أحوال الكافرين ، فقال : (وَقالَ الَّذِينَ
كَفَرُوا لِلَّذِينَ آمَنُوا اتَّبِعُوا سَبِيلَنا) طريقتنا الّتي كنّا عليها (وَلْنَحْمِلْ
خَطاياكُمْ) آثامكم عنكم ، إن قلتم : إنّ لكم في اتّباع ديننا إثما.
يعنون بذلك أنّه لا إثم عليكم في اتّباع ديننا ، ولا يكون بعث ولا نشور ، فلا
يلزمنا شيء ممّا ضمنّا. ومثل هذا ما يصدر من ضعفة العامّة فيقول لصاحبه : افعل هذا
وإثمه في عنقي.
فردّ الله
عليهم وكذّبهم بقوله : (وَما هُمْ بِحامِلِينَ
مِنْ خَطاياهُمْ مِنْ شَيْءٍ) «من» الأولى للتبيين ، والثانية مزيدة. والتقدير : وما هم بحاملين شيئا من
خطاياهم.(إِنَّهُمْ لَكاذِبُونَ) فيما ضمنوا من حمل خطاياهم.
إن قيل : كيف
سمّاهم كاذبين ، وإنّما ضمنوا شيئا علم الله أنّهم لا يقدرون على الوفاء به ،
وضامن ما لا يعلم اقتداره على الوفاء به لا يسمّى كاذبا ، لا حين ضمن ولا حين عجز
، لأنّه في الحالين لا يدخل تحت حدّ الكاذب ، وهو المخبر عن الشيء لا على ما هو
عليه؟
أجيب : إنّ
الله سبحانه شبّه حالهم ـ حيث علم أنّ ما ضمنوه لا طريق لهم إلى أن يفوا به ، فكان
ضمانهم عنده لا على ما عليه المضمون ـ بالكاذبين الّذين خبرهم لا على ما عليه
المخبر عنه. ويجوز أن يريد أنّهم كاذبون ، لأنّهم قالوا ذلك وقلوبهم على خلافه ،
كالكاذبين الّذين يعدون الشيء وفي قلوبهم نيّة الخلف.
ولمّا ذكر
كذبهم بحمل خطايا المؤمنين ، بيّن ما حملوا بحسب الواقع يوم القيامة ، فقال :