ظاهرا ، وهي في الحقيقة تعبيدك بني إسرائيل ، وقصدك بذبح أبنائهم ، فإنّه
السبب في وقوعي إليك ، وحصولي في تربيتك. ولو كنت لم تستعبد بني إسرائيل ، ولم
تقتل أبناءهم ، لكانت امّي مستغنية عن قذفي في اليمّ. فكأنّك تمنّ عليّ بما كان
بلاؤك سببا له. فعلى التحقيق امتنانك عليّ تعبيدك قومي ، أي : اتّخاذك إيّاهم
عبيدا ، وتذليلك إيّاهم ، فلا يكون حقيقة إنعامك وامتنانك عليّ.
ومحلّ «أن
عبّدت» الرفع على أنّه خبر محذوف ، أو بدل من «نعمة». أو الجرّ بإضمار الباء. أو
النصب بحذفها.
وقيل : «تلك»
إشارة إلى خصلة شنعاء مبهمة ، و «أن عبّدت» عطف بيانها.
والمعنى :
تعبيدك بني إسرائيل نعمة تمنّها عليّ.
وإنّما وحّد
الخطاب في «تمنّها» وجمع فيما قبله ، لأنّ المنّة كانت منه وحده ، والخوف والفرار
منه ومن ملئه ، كما فسّرنا به.
ولمّا سمع
فرعون جواب ما طعن به فيه شرع في الاعتراض على دعواه ، فبدأ بالاستفسار عن حقيقة
المرسل ، كما حكاه الله تعالى عن ذلك بقوله : (قالَ فِرْعَوْنُ وَما
رَبُّ الْعالَمِينَ) أيّ شيء هو من الأشياء التي شوهدت وعرفت