تعالى : (قُلْ لَئِنِ
اجْتَمَعَتِ الْإِنْسُ وَالْجِنُّ عَلى أَنْ يَأْتُوا بِمِثْلِ هذَا الْقُرْآنِ لا
يَأْتُونَ بِمِثْلِهِ)[١]. ولأنّ ردّه على «عبدنا» يوهم إمكان صدوره ممّن لم يكن
على صفته ، ولا يلائمه قوله : (وَادْعُوا
شُهَداءَكُمْ) فإنّه أمر بأن يستعينوا بكلّ من ينصرهم ويعينهم.
والشهداء جمع الشهيد بمعنى الحاضر أو القائم بالشهادة ، يعني : ادعوا كلّ من
يشهدكم به من الجنّ والإنس.
(مِنْ دُونِ اللهِ) معنى دون : أدنى مكان من الشيء ، ومنه : تدوين الكتب ،
لأنّه إدناء البعض من البعض ، ودونك هذا أي : خذه من أدنى مكان منك. ثم استعير
للرتب ، فقيل : زيد دون عمرو أي : في الشرف ، ومنه الشيء الدّون. ثم اتّسع فيه
فاستعمل في كلّ تجاوز حدّ إلى حدّ ، قال الله تعالى : (لا يَتَّخِذِ الْمُؤْمِنُونَ الْكافِرِينَ
أَوْلِياءَ مِنْ دُونِ الْمُؤْمِنِينَ)[٢] ، أي : لا يتجاوزوا ولاية المؤمنين إلى ولاية الكافرين.
و «من» متعلّقة
بـ «ادعوا» ، والمعنى : وادعوا إلى المعارضة من حضركم أو رجوتم معونته من إنسكم
وجنّكم وآلهتكم غير الله ، فإنّه القادر على أن يأتي بمثله دون كلّ شاهد. أو بـ «شهدائكم»
، والمعنى : ادعوا الّذين اتّخذتموهم آلهة من دون الله ، وزعمتم أنّهم يشهدون لكم
يوم القيامة أنّكم على الحقّ.
وقيل : من دون
الله أي : دون أوليائه ومن غير المؤمنين ، يعني : فصحاء العرب ووجوه المشاهد
ليشهدوا لكم أنّكم أتيتم بمثله [٣].
(إِنْ كُنْتُمْ
صادِقِينَ) أنّه من كلام البشر. وجواب الشرط محذوف دلّ عليه