و «لو» من حروف
الشرط دالّة على انتفاء الأوّل لانتفاء الثاني ، ضرورة انتفاء الملزوم عند انتفاء
لازمه. وفائدة هذه الشرطيّة إبداء المانع لذهاب سمعهم وأبصارهم مع قيام ما يقتضيه
من البرق والرعد. وقوله : (إِنَّ اللهَ عَلى
كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ) تقرير لهذه الشرطيّة ودليل عليها ، فإنّ المشيئة فرع
القدرة.
ولمّا كان
إسناد مشيئة الله تعالى بالأمور [١] القبيحة ، ونسبة إرادته إلى الأفعال السيّئة ـ كإيجاد
الكفر والمعاصي في العباد ، على ما هو مذهب الأشاعرة ـ ضروريّ البطلان ، لاستلزامه
رفع الاختيار الّذي هو مناط التكليف الشرعي ، وعموم قدرة الله تعالى على الأشياء
لا يستلزم أن يكون كلّها في تحت مشيئته وإرادته كما لا يخفى ، فما قال البيضاوي : «إنّ
فائدة هذه الشرطيّة التنبيه على أنّ تأثير الأسباب في مسبّباتها مشروطة بمشيئة
الله تعالى ، وأنّ وجودها مرتبط بأسبابها واقع بقدرته ، وقوله : (إِنَّ اللهَ عَلى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ) كالتصريح به والتقرير له» [٢] أمر غير
معقول.
و «الشيء» ما
يصحّ أن يوجد ، وهو يعمّ الواجب والممكن ، أو ما يصحّ أن يعلم ويخبر عنه ، فيعمّ
الممتنع. ولمّا كان مشروطا [٣] في حدّ القادر أن لا يكون الفعل مستحيلا فالمستحيل
مستثنى في نفسه عند ذكر القادر على الأشياء كلّها ، فكأنّه قيل : إنّ الله على كلّ
شيء مستقيم ـ أي : قابل لتأثيره فيه ـ قدير. ونظيره : فلان أمير على الناس ، أي :
على من وراءه منهم ، ولم يدخل فيهم نفسه وإن كان من جملة الناس. ويختصّ هاهنا
بالممكن ، بدليل أنّ القدرة لا يمكن أن يتعلّق إلّا بشيء ممكن ، كما قال سيبويه في
كتابه : «إنّ الشيء يقع على كلّ ما أخبر عنه من