الضمير للمنافقين ، فتكون الآية نتيجة التمثيل. وإن جعلته للمستوقدين فهي
على حقيقتها. والمعنى : أنّهم لمّا أوقدوا نارا ، فذهب الله بنورهم وتركهم في
ظلمات هائلة ، أدهشتهم بحيث اختلّت حواسّهم وانتقصت قواهم.
والصم أصله
صلابة من اكتناز الأجزاء ، ومنه قيل : حجر أصمّ وقناة صمّاء ، سمّي به فقدان حاسّة
السمع ، لأنّ سببه أن يكون باطن الصماخ مكتنزا لا يكون فيه تجويف يشتمل على هواء
يسمع الصّوت بتموّجه. والبكم الخرس. والعمى عدم البصر عمّا من شأنه أن يبصر ، وقد
يقال لعدم البصيرة. وقوله : (فَهُمْ لا يَرْجِعُونَ) معناه : لا يعودون إلى الهدى بعد أن باعوه وضيّعوه ، أو
عن الضلالة بعد أن اشتروها ، تسجيلا عليهم بالطبع ، أو بقوا متحيّرين جامدين في
مكانهم لا يبرحون ، ولا يدرون أيتقدّمون أم يتأخّرون؟ وكيف يرجعون إلى حيث ابتدأوا
منه؟ والفاء للدلالة على أنّ اتّصافهم بالأحكام السابقة سبب لتحيّرهم واحتباسهم.