responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : زبدة التّفاسير نویسنده : الشريف الكاشاني، فتح الله    جلد : 1  صفحه : 71

تعالى : (فَلَمَّا ذَهَبُوا بِهِ) [١] ، للإيجاز وأمن الإلباس ، كأنّه قيل : فلمّا أضاءت ما حوله خمدت فبقوا متحيّرين متحسّرين على فوت الضوء.

وإسناد الإذهاب إلى الله تعالى إمّا لأنّ الإطفاء حصل بسبب خفيّ أو أمر سماوي كريح أو مطر ، أو للمبالغة ، ولذلك عدّي الفعل بالباء دون الهمزة ، لما فيها من معنى الاستصحاب والاستمساك ، يقال : ذهب السلطان بماله إذا أخذه ، وما أخذه الله وأمسكه فلا مرسل له ، فهو أبلغ من الإذهاب. ولذلك عدل عن الضوء الّذي هو مقتضى قوله : (فَلَمَّا أَضاءَتْ) إلى النور ، فإنّه لو قيل : ذهب الله بضوئهم ، احتمل ذهابه بما في الضوء من الزيادة وبقاء ما يسمّى نورا ، والغرض إزالة النور عنهم رأسا ، ألا ترى كيف قرّر ذلك وأكّده بقوله : (وَتَرَكَهُمْ فِي ظُلُماتٍ لا يُبْصِرُونَ) فذكر الظلمة الّتي هي عدم النور بالكلّية ، وجمعها ، ووصفها بأنّها ظلمة خالصة لا يتراءى فيها شبح أصلا. و «ترك» في الأصل بمعنى : طرح وخلّى ، وله مفعول واحد ، وإذا ضمّن معنى «صيّر» تعدّى إلى مفعولين ، وجرى مجرى أفعال القلوب ، كقول عنترة [٢] :

فتركته جزر السّباع ينشنه ...

أي : طعمة السباع يأكلنه. ومنه قوله تعالى : (وَتَرَكَهُمْ فِي ظُلُماتٍ). أصله : هم في ظلمات ، ثم دخل «ترك» فنصب الجزأين. والظلمة مأخوذة من قولهم : ما ظلمك أن تفعل كذا؟ أي : ما منعك؟ لأنّها تسدّ البصر وتمنع الرؤية. وظلماتهم : ظلمة الكفر ، وظلمة النفاق ، وظلمة يوم القيامة. أو ظلمة الضلال ، وظلمة سخط الله ، وظلمة العقاب السرمد. أو ظلمة شديدة كأنّها ظلمات متراكمة بعضها فوق بعض.


[١] يوسف : ١٥.

[٢] ديوان عنترة : ٢٦. وعجز البيت : يقضمن حسن بنانه والمعصم.

نام کتاب : زبدة التّفاسير نویسنده : الشريف الكاشاني، فتح الله    جلد : 1  صفحه : 71
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست