لهبها. والنار جوهر لطيف مضيء حارّ محرق. والنور ضؤها وضوء كلّ نيّر ، وهو
نقيض الظّلمة. واشتقاقها من : نار ينور نورا إذا نفر ، لأنّ فيها حركة واضطرابا.
و «الّذي»
بمعنى : الّذين ، كما في قوله : (وَخُضْتُمْ كَالَّذِي
خاضُوا)[١] ، إن جعل مرجع الضمير في «بنورهم» ، أو قصد جنس
المستوقدين ، أو أريد الجمع الّذي استوقد. على أنّ المنافقين لم يشبّه ذواتهم بذات
المستوقد ، بل شبّهت قصّتهم بقصّة المستوقد. ونحوه قوله : (مَثَلُ الَّذِينَ حُمِّلُوا التَّوْراةَ ثُمَّ
لَمْ يَحْمِلُوها كَمَثَلِ الْحِمارِ يَحْمِلُ أَسْفاراً)[٢] ، وقوله : (يَنْظُرُونَ إِلَيْكَ
نَظَرَ الْمَغْشِيِّ عَلَيْهِ مِنَ الْمَوْتِ)[٣] ، فلا يلزم تشبيه الجماعة بالواحد. والمعنى : حالهم
العجيبة الشأن وقصّتهم كحال الّذي استوقد نارا.
(فَلَمَّا أَضاءَتْ ما
حَوْلَهُ) أي : النار ما حول المستوقد إن جعلتها متعدّية.
ويحتمل أن تكون
غير متعدّية مسندة إلى ما حوله ، والتأنيث للحمل على المعنى ، لأن ما حول المستوقد
أشياء وأماكن ، أو إلى النار و «ما» موصولة في معنى الأمكنة نصب على الظرف ، أو
مزيدة وحوله ظرف. وتركيب الحول للدوران. وقيل للعام : حول ، لأنّه يدور.
وقوله : (ذَهَبَ اللهُ بِنُورِهِمْ) جواب «لمّا» ، والضمير لـ «الّذي» ، وجمعه للحمل على
المعنى. وعلى هذا إنّما قال : بنورهم ، ولم يقل : بنارهم ، لأنّه المراد من
إيقادها ، أو استئناف أجيب به اعتراض سائل يقول : ما بالهم شبّهت حالهم بحال
مستوقد انطفأت ناره؟ فقيل له : ذهب الله بنورهم. أو بدل من جملة التمثيل على سبيل
البيان. والضمير على الوجهين للمنافقين. والجواب محذوف كما في قوله