وروي عن النبيّ
صلىاللهعليهوآلهوسلم أنّه سئل عن أفضل الأعمال فقال : «إسباغ الوضوء في
السبرات [١] ، ونقل الأقدام إلى الجماعات ، وانتظار الصلاة بعد
الصلاة ، فذلكم الرباط».
وما روي عن أبي
جعفر عليهالسلام أنّه قال : «معناه : اصبروا على المصائب ، وصابروا على
عدوّكم ، ورابطوا عدوّكم» قريب من القول الأوّل.
وعنه صلىاللهعليهوآلهوسلم : «من رابط يوما وليلة في سبيل الله تعالى كان كعدل
صيام شهر رمضان وقيامه ، لا يفطر ، ولا ينفتل عن صلاته إلّا لحاجة».
(وَاتَّقُوا اللهَ) بالتبرّي عن القبائح والمعاصي ، أو عمّا سواه (لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ) لكي تفلحوا وتفوزوا غاية الفلاح والفوز ببقاء الأبد.
وأصل الفلاح البقاء ، أي : تفلحوا بنعيم الأبد ، أو الفوز بنيل المقامات الثلاثة ،
وهي : الصبر على مضض الطاعات ، ومصابرة النفس في رفض العادات ، ومرابطة السرّ على
جناب الحقّ لترصّد الواردات ، المعبّر عنها بالشريعة والطريقة والحقيقة.
فهذه الآية
تتناول جماع ما يتناول التكليف ، فإنّ قوله : «اصبروا» يتناول لزوم العبادات
وتجنّب المحرّمات. و «صابروا» يتناول ما يتّصل بالغير ، كمجاهدة الجنّ والإنس ،
وما هو أعظم منها من جهاد النفس. و «رابطوا» يدخل فيه الدفاع عن المسلمين والذبّ
عن الدين. و «اتّقوا الله» يتناول الانتهاء عن جميع المناهي والزواجر ، والائتمار
بجميع الأوامر ، ولذلك تبع ذلك الفلاح والنجاح.
تمّ تفسير
الزهراوين بعون خالق الثقلين ، وبالله التوفيق ، وحسبنا الله ، ونعم المولى ونعم
النصير.