(أُولئِكَ لَهُمْ
أَجْرُهُمْ عِنْدَ رَبِّهِمْ) ما خصّ بهم من الأجر ووعدوه في قوله تعالى : (أُولئِكَ يُؤْتَوْنَ أَجْرَهُمْ مَرَّتَيْنِ)[١]. (إِنَّ اللهَ سَرِيعُ
الْحِسابِ) لعلمه بالأعمال وما يستوجبه كلّ عامل من الجزاء ،
واستغنائه عن التأمّل والاحتياط. والمراد أنّ الأجر الموعود سريع الوصول ، فإنّ
سرعة الحساب تستدعي سرعة الجزاء.
قيل : نزلت هذه
الآية في ابن سلام ومن آمن معه. وقيل : في أربعين من نجران ، واثنين وثلاثين من
الحبشة ، وثمانية من الروم ، كانوا على دين عيسى عليهالسلام فأسلموا.
ولمّا حكى الله
تعالى أحوال المؤمنين والكافرين فيما تقدّم ، حثّ بعد ذلك على الصبر على الطاعة
ولزوم الدين والجهاد في سبيل الله ، فقال : (يا أَيُّهَا الَّذِينَ
آمَنُوا اصْبِرُوا) على مشاق الطاعات ، وما يصيبكم من الشدائد ، وعن معاصيه
(وَصابِرُوا) وغالبوا أعداء الله بالصبر على شدائد الحرب ، وأعدى
عدوّكم في الصبر على مخالفة الهوى. وتخصيصه بعد الأمر بالصبر مطلقا لشدّته
وصعوبته. (وَرابِطُوا) أبدانكم وخيولكم في الثغور مترصّدين للغزو ، وأنفسكم
على الطاعة ، كما قال صلىاللهعليهوآلهوسلم : «من الرباط انتظار الصلاة بعد الصلاة». ولهذا روي عن علي
عليهالسلام معناه : «انتظروا الصلاة واحدة بعد واحدة».