على ما كان عليه ، لقوله : (فَلا تُطِعِ
الْمُكَذِّبِينَ)[١] ، أو لكلّ أحد. والنهي في المعنى للمخاطب ، وإنّما جعل
للتقلّب تنزيلا للسبب منزلة المسبّب مبالغة.
والمعنى : لا
تنظر إلى ما الكفرة عليه من السعة وإصابة حظوظ الدنيا ، ولا تغترّ بظاهر ما ترى من
تبسّطهم في مكاسبهم ومتاجرهم ومزارعهم.
(مَتاعٌ قَلِيلٌ) خبر مبتدأ محذوف ، أي : تقلّبهم متاع قليل في جنب ما
فاتهم من نعيم الآخرة ، أو في جنب ما أعدّ الله للمؤمنين من الثواب ، أو هو قليل
في نفسه ، لزواله ونقصانه. وفي الحديث : «ما الدنيا في الآخرة إلّا مثل ما يجعل
أحدكم إصبعه في اليمّ. فلينظر بم يرجع».
(ثُمَّ مَأْواهُمْ
جَهَنَّمُ وَبِئْسَ الْمِهادُ) أي : ما مهّدوا لأنفسهم.
ثم أعلم الله
سبحانه أنّ من أراد الله واتّقاه فله الجنّة ، فقال : (لكِنِ الَّذِينَ اتَّقَوْا رَبَّهُمْ) لفظ «لكن» للاستدراك ، فيكون بخلاف المعنى المتقدّم.
فمعناه : ليس للكفّار عاقبة خير ، إنّما هي للمتّقين المؤمنين الّذين اتّقوا ربّهم
بفعل الطاعات وترك المعاصي. (لَهُمْ جَنَّاتٌ
تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهارُ خالِدِينَ فِيها نُزُلاً مِنْ عِنْدِ اللهِ). النزل والنزل ما يعدّ للنازل من طعام وشراب وصلة.
وانتصابه على الحال من «جنّات» ، والعامل فيها الظرف. وقيل : إنّه مصدر مؤكّد ،
والتقدير : أنزلوها نزلا.
عن ابن مسعود
أنّه قال : ما من نفس برّة أو فاجرة إلّا والموت خير لها من الحياة. فأمّا الأبرار
فقد قال الله تعالى : (وَما عِنْدَ اللهِ
خَيْرٌ لِلْأَبْرارِ). وأمّا الفجّار فقد قال الله تعالى : (وَلا يَحْسَبَنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا أَنَّما
نُمْلِي لَهُمْ خَيْرٌ لِأَنْفُسِهِمْ)[٢]. وإنّما يكون الموت خيرا للنفس الفاجرة إذا كانت تدوم
على فجورها.