روي أنّ الكفرة
قالوا : إن كان محمد صادقا فليخبرنا من يؤمن منّا ومن يكفر ، فنزلت : (وَما كانَ اللهُ لِيُطْلِعَكُمْ عَلَى
الْغَيْبِ) وما كان الله ليؤتي أحدكم علم الغيب ، فيطّلع على ما في
القلوب من كفر وإيمان ، فلا تظنّوا إذا أخبركم النبيّ بنفاق الرجل أنّه يطّلع على
ما في القلوب بنفسه (وَلكِنَّ اللهَ
يَجْتَبِي مِنْ رُسُلِهِ) أي : يختار لرسالته (مَنْ يَشاءُ) ويخبره ببعض المغيّبات ، أو ينصب له ما يدلّ عليها.
(فَآمِنُوا بِاللهِ
وَرُسُلِهِ) بصفة الإخلاص ، أو بأن تعلموا الله وحده مطّلعا على
الغيب ، وتعلموا رسله عبادا مجتبين لا يعلمون إلّا ما علّمهم الله تعالى ، ولا
يقولون إلّا ما أوحي إليهم.
عن السدّي :
أنّ هذه الآية نزلت إذ قال النبيّ صلىاللهعليهوآلهوسلم : عرضت عليّ أمّتي ، وأعلمت من يؤمن بي ومن يكفر.
فقال المنافقون
: إنّه يزعم أنّه يعرف من يؤمن به ومن يكفر ، ونحن معه ولا يعرفنا.
ولمّا ذكر
سبحانه إمساكهم عن الجهاد في سبيل الله ، بيّن إمساكهم عن الإنفاق الواجب في سبيله
، فقال : (وَلا يَحْسَبَنَّ
الَّذِينَ يَبْخَلُونَ بِما آتاهُمُ اللهُ مِنْ فَضْلِهِ) بما أعطاهم من الأموال (هُوَ خَيْراً لَهُمْ) قد سبقت القراءات فيه. ومن قرأ بالتاء هاهنا قدّر مضافا
ليتطابق مفعولاه ، أي : ولا تحسبنّ بخل الّذين يبخلون هو خيرا لهم.
وكذلك من قرأ
بالياء ، وجعل فاعل «يحسبنّ» ضمير رسول الله ، أو ضمير أحد.