النعيم في دار المقامة ، فقال : (وَلا تَحْسَبَنَّ
الَّذِينَ قُتِلُوا فِي سَبِيلِ اللهِ) أي : في الجهاد ونصرة دين الله (أَمْواتاً) أي : موتى كما مات من لم يقتل في سبيل الله. قيل : نزلت
في شهداء بدر. وقال الباقر عليهالسلام وكثير من المفسّرين : إنّها تتناول قتلى بدر وأحد معا.
والخطاب لرسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم ، أو لكلّ أحد. وقرأ ابن عامر : قتّلوا بالتشديد ،
لكثرة المقتولين.
(بَلْ) هم (أَحْياءٌ عِنْدَ
رَبِّهِمْ) ذوو زلفى منه ، كقوله : (فَالَّذِينَ عِنْدَ
رَبِّكَ)[١](يُرْزَقُونَ) من نعيم الجنّة مثل ما يرزق سائر الأحياء ممّا يأكلون
ويشربون. وهو تأكيد لكونهم أحياء ، ووصف لحالهم الّتي هم عليها من التنعّم برزق
الله.
(فَرِحِينَ بِما
آتاهُمُ اللهُ مِنْ فَضْلِهِ) وهو شرف الشهادة ، والفوز بالحياة الأبديّة ، والقرب من
الله بأنواع الكرامة ، والتمتّع بنعيم الجنّة.
(وَيَسْتَبْشِرُونَ) ويسرّون بالبشارة (بِالَّذِينَ لَمْ
يَلْحَقُوا بِهِمْ) بإخوانهم المجاهدين الذين لم يقتلوا فيلحقوا بهم (مِنْ خَلْفِهِمْ) أي : الّذين قد بقوا من خلفهم زمانا ، أو الّذين لم
يدركوا فضلهم ومراتبهم ومنزلتهم (أَلَّا خَوْفٌ
عَلَيْهِمْ وَلا هُمْ يَحْزَنُونَ) أي : يستبشرون بأن لا خوف عليهم ، لأنّه بدل الاشتمال
من قوله : (بِالَّذِينَ لَمْ
يَلْحَقُوا بِهِمْ).
ومعناه : لا
خوف عليهم فيمن خلّفوه من ذرّيّتهم ، لأنّ الله تعالى يتولّاهم ، ولا هم يحزنون
على ما خلّفوا من أموالهم ، لأنّ الله تعالى قد أجزل ما عوّضهم. أو لا خوف عليهم
في ما يقدمون عليه ، لأنّ الله تعالى محّص ذنوبهم بالشهادة ، ولا هم يحزنون على
مفارقة الدنيا فرحا بالآخرة.
وملخّص المعنى
: أنّهم يسرّون بإخوانهم الّذين فارقوهم وهم أحياء في الدنيا على مناهجهم من
الإيمان والجهاد ، لعلمهم بأنّهم إن استشهدوا أو ماتوا كانوا أحياء