الّذي وعدنا به (شَيْءٍ) كما وعد محمد ، أو زعم أنّ الأمر كلّه لله ولأوليائه ،
أو لو كان لنا اختيار وتدبير (ما قُتِلْنا) ما غلبنا (هاهُنا) ولما قتل من قتل منّا في هذه المعركة.
(قُلْ لَوْ كُنْتُمْ
فِي بُيُوتِكُمْ لَبَرَزَ الَّذِينَ كُتِبَ عَلَيْهِمُ الْقَتْلُ إِلى
مَضاجِعِهِمْ) أي : لخرج الّذين قدّر الله تعالى عليهم القتل ـ وكتبه
في اللوح المحفوظ ـ إلى مصارعهم ، ولم تنفعهم الإقامة بالمدينة ، ولم ينج منهم أحد
، فإنّه قدّر الأمور ودبّرها في سابق قضائه ، لا معقّب لحكمه.
(وَلِيَبْتَلِيَ اللهُ
ما فِي صُدُورِكُمْ) وليمتحن الله ما في صدوركم ، بإظهار سرائرها من الإخلاص
والنفاق ، أي : ليعاملكم معاملة المبتلين مظاهرة في العدل عليكم. وهو علّة فعل
محذوف ، أي : وفعل ذلك ليبتلي. أو عطف على محذوف ، أي : لبرز لنفاذ القضاء ، أو
لمصالح كثيرة وللابتلاء. أو على قوله : (لِكَيْلا تَحْزَنُوا).
(وَلِيُمَحِّصَ ما فِي
قُلُوبِكُمْ) ليكشفه ويزيله ، أو ليخلّصه من الوساوس ، بما يريكم من
عجائب صنعه. يقال : محّصته تمحيصا ، إذا خلّصته من كلّ عيب. ومحّص الله العبد من
الذنب ، إذا طهّره منه.
(وَاللهُ عَلِيمٌ
بِذاتِ الصُّدُورِ) بخفيّاتها قبل إظهارها. وفيه وعد ووعيد ، وتنبيه على
أنّه غنيّ عن الابتلاء ، وإنّما فعل ذلك لتمرين المؤمنين ، وإظهار حال المنافقين.
(إِنَّ الَّذِينَ
تَوَلَّوْا مِنْكُمْ يَوْمَ الْتَقَى الْجَمْعانِ) جمع المسلمين وجمع الكافرين. والمراد يوم أحد ، أي :
إنّ الّذين انهزموا يوم أحد (إِنَّمَا
اسْتَزَلَّهُمُ الشَّيْطانُ بِبَعْضِ ما كَسَبُوا) من المعاصي ، إنّما كان السبب في انهزامهم أنّ الشيطان
طلب منهم الزلّة فأطاعوه ، واقترفوا ذنوبا بترك المركز والحرص على الغنيمة أو
الحياة ، لمخالفة النبيّ صلىاللهعليهوآلهوسلم ، فمنعوا التأييد وقوّة القلب حتّى تولّوا.
وقيل : استزلال
الشيطان تولّيهم ، وذلك بسبب ذنوب تقدّمت لهم ، فإنّ المعاصي يجرّ بعضها بعضا
كالطاعة.