ستّون جراحة ، فأمر النبيّ صلىاللهعليهوآلهوسلم أمّ سليم وأمّ عطيّة أن تداوياه ، فقالتا : إنّا لا
نعالج منه مكانا إلّا انفتق مكان آخر ، وقد خفنا عليه. فدخل رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم والمسلمون يعودونه ، فجعل يمسح جراحاته بيده ويقول :
إنّ رجلا لقي هذا في الله فقد أبلى وأعذر. وكان القرح الّذي يمسحه رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم يلتئم. فقال عليّ عليهالسلام : الحمد لله إذ لم أفرّ ولم أولّ الدبر. فذكر الله
تعالى له ذلك الشكر في موضعين من القرآن ، وهو قوله : (وَسَيَجْزِي اللهُ الشَّاكِرِينَ)[١] ، (وَسَنَجْزِي
الشَّاكِرِينَ).
(وَكَأَيِّنْ) أصله «أي» دخلت الكاف عليها فصارت بمعنى «كم» ، والنون
تنوين أثبت في الخطّ على غير قياس. وقرأ ابن كثير : وكائن كطاعن. ووجهه : أنه قلب
الكلمة الواحدة ، كقولهم : رعملي في لعمري ، فصار كيّأن ، ثم حذفت الياء الثانية
للتخفيف ، ثم أبدلت الياء الأخرى ألفا ، كما أبدلت من طائي.
(مِنْ نَبِيٍ) بيان له (قاتَلَ مَعَهُ
رِبِّيُّونَ كَثِيرٌ) ربّانيّون علماء أتقياء صبّر ، أو عابدون لربّهم. وقيل
: جماعات. والربّي منسوب إلى ربّة ، وهي الجماعة للمبالغة.
وقرأ ابن كثير
ونافع وأبو عمرو ويعقوب : قتل. وإسناده إلى «ربّيون» ، أو ضمير النبيّ ، و «معه
ربّيّون» حال منه ، يعنى : قتل كائنا معه ربّيون.
(فَما وَهَنُوا) فما فتروا ، ولم ينكسر جدّهم (لِما أَصابَهُمْ فِي سَبِيلِ اللهِ) من قتل النبيّ صلىاللهعليهوآلهوسلم ، أو بعضهم (وَما ضَعُفُوا) عن جهاد العدوّ بعده ، أو في الدين (وَمَا اسْتَكانُوا) وما خضعوا للعدوّ. وأصله : استكن من السكون ، لأنّ
الخاضع يسكن لصاحبه ليفعل به ما يريده ، والألف من إشباع الفتحة. أو استكون من
الكون ، لأنّه يطلب من نفسه أن يكون لمن يخضع له. وهذا تعريض بالوهن الّذي أصابهم
عند الإرجاف بقتله عليهالسلام ، وبضعفهم عند ذلك ، واستكانتهم للمشركين حين أرادوا أن
يعتضدوا بالمنافق عبد الله بن أبيّ في طلب الأمان من أبي سفيان. (وَاللهُ يُحِبُّ