(إِنْ كُنْتُمْ
مُؤْمِنِينَ) متعلّق بالنهي ، أي : ولا تهنوا إن صحّ إيمانكم ، لأنّ
صحّة الإيمان توجب قوّة القلب ، وتقتضي الثقة بالله ، وقلّة المبالاة بأعداء الله.
أو متعلّق بـ «الأعلون» ، أي : أنتم الأعلون إن كنتم مصدّقين بما يعدكم الله من
الغلبة.
(إِنْ يَمْسَسْكُمْ
قَرْحٌ فَقَدْ مَسَّ الْقَوْمَ قَرْحٌ مِثْلُهُ) قرأ حمزة والكسائي وابن عيّاش عن عاصم بضمّ القاف ،
والباقون بالفتح. وهما لغتان ، كالضّعف والضّعف.
وقيل : هو
بالفتح الجراحات ، وبالضمّ ألمها. يعني : إن أصابوا منكم يوم أحد فقد أصبتم منهم
قبله يوم بدر مثله ، ثم إنّهم لم يضعفوا ولم يجبنوا ، فأنتم أولى بأن لا تضعفوا ،
فإنّكم ترجون من الله ما لا يرجون.
وقيل : كلا
المسّين كان يوم أحد ، فإنّ المسلمين نالوا من الكفّار قبل أن يخالفوا أمر الرسول صلىاللهعليهوآلهوسلم.
عن أنس بن مالك
: أتي رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم بعليّ يومئذ وفيه نيّف وستّون جراحة ، من طعنة وضربة
ورمية ، فجعل رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم يمسحها وهي تلتئم بإذن الله كأن لم تكن.
وعن ابن عبّاس
قال : لمّا كان يوم أحد صعد أبو سفيان الجبل ، فقال رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم : اللهمّ إنّه ليس لهم أن يعلونا. فمكث أبو سفيان ساعة
وقال : يوما بيوم ، إنّ الأيّام دول ، وإنّ الحرب سجال. فقال صلىاللهعليهوآلهوسلم : أجيبوه. فقالوا : لا سواء ، قتلانا في الجنّة ،
وقتلاكم في النار. فقال : لنا عزّى ، ولا عزّى لكم. فقال النبيّ صلىاللهعليهوآلهوسلم : الله مولانا ، ولا مولى لكم. فقال أبو سفيان : أعل
هبل. فقال صلىاللهعليهوآلهوسلم : الله أعلى وأجلّ.
(وَتِلْكَ الْأَيَّامُ
نُداوِلُها بَيْنَ النَّاسِ) نصرفها بينهم ، نديل لهؤلاء تارة ولهؤلاء أخرى ، كقوله
:
فيوما علينا
ويوما لنا
ويوما نساء
ويوما نسرّ
والمداولة
كالمعاودة ، يقال : داولت الشيء بينهم فتداولوه. والأيّام تحتمل