استفراغ الوسع في القيام بالواجب ، والاجتناب عن المحارم. وعن الصادق عليهالسلام : «هو أن يطاع فلا يعصى ، ويشكر فلا يكفر ، ويذكر فلا
ينسى». وقيل : هو أن ينزّه الطاعة عن الالتفات إليها ، وعن توقّع المجازاة عليها.
ونحوه قوله تعالى : (فَاتَّقُوا اللهَ مَا
اسْتَطَعْتُمْ)[١] أي : بالغوا في التقوى حتّى لا تتركوا من المستطاع فيها
شيئا. وفي هذا الأمر تأكيد للنهي عن طاعة أهل الكتاب. وأصل تقاة وقية ، فقلبت
واوها المضمومة تاء ، كما في تؤدة وتخمة ، والياء ألفا.
(وَلا تَمُوتُنَّ
إِلَّا وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ) أي : ولا تكوننّ على حال سوى حال الإسلام إذا أدرككم الموت
، كما تقول لمن تستعين به على القتال : لا تأتني إلّا وأنت على فرس ، فلا تنهاه عن
الإتيان ، ولكنّك تنهاه عن خلاف الحال الّتي ذكرتها في وقت الإتيان ، فإنّ النهي
عن المقيّد بحال أو غيرها قد يتوجّه بالذات نحو الفعل تارة والقيد أخرى ، وقد
يتوجّه نحو المجموع دونهما ، وكذلك النفي ، ومثل ذلك مرّ [٢] في سورة
البقرة.
(وَاعْتَصِمُوا) وتمسّكوا (بِحَبْلِ اللهِ) بدين الإسلام أو بكتابه ، لقوله عليهالسلام : «القرآن حبل الله المتين». استعير له الحبل من حيث
إنّ التمسّك به سبب النجاة من الردى ، كما أنّ التمسّك بالحبل سبب للسلامة من
التردّي. واستعير للوثوق به والاعتماد عليه الاعتصام ترشيحا للمجاز. (جَمِيعاً) أي : مجتمعين. ومعناه : واجتمعوا على التمسّك بعهد الله
، وهو الإيمان أو القرآن.
وروي أبان بن
تغلب عن الصادق عليهالسلام : «نحن حبل الله الّذي قال : واعتصموا بحبل الله جميعا».
والأولى حمله
على الجميع. والّذي يؤيّده ما رواه أبو سعيد الخدري