اسْتَطاعَ
إِلَيْهِ سَبِيلاً) بدل من الناس مخصّص له. والضمير راجع إلى البيت أو
الحجّ. وكلّ مأتيّ إلى الشيء فهو سبيله.
روي عن أئمّتنا
عليهمالسلام أنّ الاستطاعة هي : الزاد والراحلة ، ونفقة من تلزمه
نفقته ، والرجوع إلى كفاية ، إمّا من مال أو ضياع أو حرفة ، مع الصحّة في النفس ،
وتخلية السّرب من الموانع ، وإمكان السير.
(وَمَنْ كَفَرَ) وضع «كفر» موضع «لم يحجّ» تأكيدا لوجوبه ، وتغليظا على
تارك الحجّ ، ولذلك قال عليهالسلام : «من مات ولم يحجّ فليمت إن شاء يهوديّا أو نصرانيّا».
كما جاء في الحديث : «من ترك الصلاة متعمّدا فقد كفر». (فَإِنَّ اللهَ غَنِيٌّ عَنِ الْعالَمِينَ) لم يقل : عنه ، ليكون بدلالته على الاستغناء الكامل
أدلّ على عظم سخط الله الّذي وقع الاستغناء عبارة عنه. وفي الأثر : لو ترك الناس
الحجّ عاما واحدا ما نوظروا ، أي : ما أمهلوا.
وفي الأنوار : «قد
أكّد أمر الحجّ في هذه الآية من وجوه : الدلالة على وجوبه بصيغة الخبر ، وإبرازه
في الصورة الاسميّة ، وإيراده على وجه يفيد أنّه حقّ واجب لله تعالى في رقاب الناس
، وتعميم الحكم أوّلا ثم تخصيصه ثانيا ، فإنّه كإيضاح بعد إبهام ، وتثنية وتكرير
للمراد ، وتسمية ترك الحجّ كفرا من حيث إنّه فعل الكفرة ، وذكر الاستغناء ، فإنّه
في هذا الموضع ممّا يدلّ على المقت والخذلان. وقوله : «عن العالمين» يدلّ عليه ،
لما فيه من مبالغة التعميم ، والدلالة على الاستغناء عنه بالبرهان ، وهو غناؤه من
جميع العالم ، والإشعار بعظم السخط ، لأنّه تكليف شاقّ جامع بين كسر النفس وإتعاب
البدن ، وصرف المال ، والتجرّد عن الشهوات ، والإقبال على الله تعالى» [١].
روي أنّه لمّا
نزل صدر الآية جمع رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم أرباب الملل فخطبهم