ولمّا تقدّم
ذكر التوبة المقبولة عقّبه سبحانه بما لا يقبل منها ، فقال : (إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا بَعْدَ إِيمانِهِمْ
ثُمَّ ازْدادُوا كُفْراً) كاليهود كفروا بعيسى والإنجيل بعد الإيمان بموسى عليهالسلام والتوراة ، ثمّ ازدادوا كفرا بمحمّد صلىاللهعليهوآلهوسلم والقرآن. أو كفروا بمحمد بعد ما آمنوا به قبل مبعثه ،
ثمّ ازدادوا كفرا بالإصرار والعناد والطعن فيه ، والصدّ عن الإيمان ، ونقض
الميثاق. أو كقوم ارتدّوا ولحقوا بمكّة ، ثمّ ازدادوا كفرا بقولهم : نتربّص بمحمد
ريب المنون ، أو نرجع إليه وننافقه بإظهار التوبة. (لَنْ تُقْبَلَ
تَوْبَتُهُمْ) لأنّها لم تقع على وجه الإخلاص. ويدلّ عليه قوله : (وَأُولئِكَ هُمُ الضَّالُّونَ) عن الحقّ ، الثابتون على الضلال.
وقيل : لن تقبل
توبتهم عند رؤية اليأس. والمعنى : أنّهم لا يتوبون إلّا عند معاينة الموت ، أو لا
يتوبون إلّا نفاقا ، لا لارتدادهم وزيادة كفرهم ، ولذلك لم تدخل الفاء فيه ، لأنّ
الكفر والزيادة لا يكون سبب عدم قبول التوبة ، بل عدم التوبة.
(إِنَّ الَّذِينَ
كَفَرُوا وَماتُوا وَهُمْ كُفَّارٌ فَلَنْ يُقْبَلَ مِنْ أَحَدِهِمْ مِلْءُ
الْأَرْضِ ذَهَباً) لمّا كان الموت على الكفر سببا لامتناع قبول الفدية
أدخل الفاء هنا للإشعار به. وملء