فهو كالاسم في الإضافة والإسناد ، كقوله تعالى : (وَإِذا قِيلَ لَهُمْ آمِنُوا)[١] ، وقوله : (يَوْمُ يَنْفَعُ
الصَّادِقِينَ صِدْقُهُمْ)[٢] ، وقولهم : تسمع بالمعيدي خير من أن تراه ، ومثل : «ضرب»
فعل ماض.
وإنّما عدل
هاهنا عن المصدر إلى الفعل لما فيه من إيهام التجدّد ، وحسن دخول الهمزة و «أم»
عليه لتقرير معنى الاستواء عليه وتأكيده ، فإنّهما جرّدتا عن معنى الاستفهام
لمجرّد الاستواء ، كما جرّدت حرف النداء عن الطلب لمجرّد التخصيص في قولهم :
اللهمّ اغفر لنا أيّتها العصابة ، فإنّ حرف النداء يستعمل للنداء والاختصاص ، وقد
سلب عنه معنى النداء وبقي معنى الاختصاص ، و «أيّتها العصابة» تفسير للنون في «لنا»
كأنّه قال : اللهمّ اغفر للعصابة.
وإنّما اقتصر
عليه [٣] دون البشارة لأنّه أوقع في القلب وأشدّ تأثيرا في النفس ، من حيث إن دفع
الضرّ أهمّ من جلب النفع ، فإذا لم ينفع كانت البشارة بعدم النفع أولى.
واعلم أنّه
سهّل الثانية وفصل بالألف بـ ج [٤] ، وأبدل الثانية ألفا أو سهّلها بلا فصل ج ، وسهّل
الثانية بلا فصل د ، وخفّفهما مع الفصل أو سهّل الثانية مع الفصل لـ ، وقصر وحقّق
م ن ش.
وقوله (لا يُؤْمِنُونَ) جملة مفسّرة لإجمال ما قبلها فيما فيه الاستواء ، فلا
[٤] هذه الحروف رموز
لأوائل أسامي القرّاء ، والظاهر بمراجعة كتب التفاسير أن «ب» لابن عامر ، و «ج»
لأهل الحجاز ، و «د» لأهل المدينة ، و «ل» أو «ك» لأهل الكوفة أو الكسائي ، و «م»
لأبي عمرو ، و «ن» للحلواني ، و «ش» لورش. ويحتمل غير ذلك ، لاختلاف القرّاء في
قراءة الهمزتين المجتمعتين في كلمة واحدة ، فليراجع كتب التفسير والقراءات.