وثلاثين فرسا ، إن كان باليمن كيد. فصالحوا على ذلك ، وكتب صلىاللهعليهوآلهوسلم لهم بذلك كتابا».
وروي أنّ
الأسقف قال لهم : «إنّي لأرى وجوها لو سألوا الله أن يزيل جبلا من مكانه لأزاله ،
فلا تبتهلوا فتهلكوا ، ولا يبقى على وجه الأرض نصرانيّ».
وقال النبيّ صلىاللهعليهوآلهوسلم : «والذي نفسي بيده لو لا عنوني لمسخوا قردة وخنازير ،
ولاضطرم الوادي عليهم نارا ، ولما حال الحول على النصارى حتى يهلكوا كلّهم ، حتى
الطير على الشجر».
فلمّا رجع وفد
نجران لم يلبث السيّد والعاقب إلّا يسيرا حتى رجعا إلى النبيّ صلىاللهعليهوآلهوسلم ، وأهدى العاقب له حلّة وعصا وقدحا ونعلين ، وأسلما.
وعن عائشة : «أنّ
رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم خرج وعليه مرط [١] مرجّل من شعر أسود ، فجاء الحسن عليهالسلام فأدخله ، ثمّ جاء الحسين عليهالسلام فأدخله ، ثمّ جاءت فاطمة فأدخلها ، ثمّ جاء عليّ فأدخله
، ثم قال : (إِنَّما يُرِيدُ اللهُ
لِيُذْهِبَ عَنْكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ وَيُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيراً)[٢].
وفي هذه الآية
أوضح دلالة على فضل أصحاب الكساء عليهمالسلام وعلوّ درجتهم ، وبلوغ مرتبتهم في الكمال إلى حدّ لا
يدانيهم أحد من الخلق ، وعلى أنّهم علموا أنّ الحقّ مع النبيّ صلىاللهعليهوآلهوسلم ، لأنّهم امتنعوا من المباهلة ، وأقرّوا بالذلّ والخزي
، وانقادوا لقبول الجزية ، فلو لم يعلموا ذلك لباهلوه ، وكان يظهر ما زعموا من
بطلان قوله في الحال ، ولو لم يكن النبيّ صلىاللهعليهوآلهوسلم متيقّنا بنزول العقوبة بعدوّه دونه لو باهلوا ، لما
أدخل أولاده وخواصّ أهله في ذلك ، مع شدّة إشفاقه عليهم.
(إِنَّ هذا) أي : ما قصّ عليك من نبأ عيسى وغيره (لَهُوَ الْقَصَصُ الْحَقُ)
[١] المرط : كلّ ثوب
غير مخيط ، أو كساء من صوف ونحوه يؤتزر به ، وجمعه : مروط.