فلمّا ولد عبد الله لم يقدر أن يذبحه ورسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم في صلبه ، فجاء بعشرة من الإبل فساهم عليها وعلى عبد
الله ، فخرجت السهام على عبد الله ، فزاد عشرا ، فلم تزل السهام تخرج على عبد الله
ويزيد عشرا ، فلمّا أن أخرجت مائة خرجت السهام على الإبل ، فقال عبد المطّلب : ما
أنصفت ربّي ، فأعاد السهام ثلاثا فخرجت على الإبل ، فقال : الآن علمت أنّ ربّي قد
رضي بها ، فنحرها».
(إِذْ قالَتِ
الْمَلائِكَةُ) بدل من «إذ قالت» [١] الأولى ، وما بينهما اعتراض. ويجوز أن يبدل من «إذ
يختصمون» ، على أنّ وقوع الاختصام والبشارة في زمان متّسع ، كقولك : لقيته سنة
كذا. (يا مَرْيَمُ إِنَّ
اللهَ يُبَشِّرُكِ بِكَلِمَةٍ مِنْهُ اسْمُهُ الْمَسِيحُ عِيسَى ابْنُ مَرْيَمَ) المسيح لقبه ، وهو من الألقاب المشرّفة ، كالصدّيق
والفاروق اللّذين من ألقاب أمير المؤمنين صلوات الله عليه وعلى آبائه. وأصله بالعبرانيّة
: مشيحا ، فعرّبته العرب. ومعناه : المبارك ، كقوله : (وَجَعَلَنِي مُبارَكاً أَيْنَ ما كُنْتُ)[٢]. وكذلك عيسى معرّب ايشوع.
واشتقاق المسيح
من المسح ، لأنّه مسحه جبرئيل عليهالسلام بجناحه وقت ولادته ، يعوّذه بذلك من الشيطان. وقيل :
لأنّه مسح بالبركة ، فإنّه كان لا يمسح ذا عاهة بيده إلّا برىء. وقيل : لأنّه مسح
الأرض ولم يقم في موضع. وقيل : عيسى من العيس ، وهو بياض تعلوه حمرة.
وإنّما قيل :
اسمه المسيح عيسى بن مريم ، وهذه ثلاثة أشياء ، والاسم منها عيسى ، والمسيح لقب من
ألقابه الشريفة. والابن صفة ، لأنّ الاسم يكون علامة للمسمّى يتميّز بها عن غيره ،
فكأنّه قيل : إنّ مجموع هذه الثلاثة هو الّذي يتميّز بذلك عن غيره. ويجوز أن يكون
عيسى خبر مبتدأ محذوف ، أي : هو عيسى ، وابن مريم صفته.