عمّا يحتاجون فيه إلى النظر والاستدلال. ولو فعلوا ذلك لعطّلوا الطريق
الّذي يتوصّل إلى معرفة الله وتوحيده ، ولكان لا يتبيّن فضل العلماء الّذين
ينقّبون بقرائحهم في استخراج المعاني المتشابهة ، وردّ ذلك إلى المحكم.
و «أخر» جمع
أخرى. وإنّما لم ينصرف لأنّه وصف معدول عن الآخر ، ولا يلزم منه معرفته ، لأنّ
معناه أنّ القياس أن يعرّف ولم يعرّف ، لا أنّه في معنى المعرّف ، أو عن : آخر من.
(فَأَمَّا الَّذِينَ
فِي قُلُوبِهِمْ زَيْغٌ) أي : ميل وعدول عن الحقّ ، فيتّبعون ما تشابه منه
كالمبتدعة (فَيَتَّبِعُونَ ما
تَشابَهَ مِنْهُ) فيتعلّقون بالمتشابه الّذي يحتمل ما يذهب إليه أهل
البدعة ممّا لا يطابق المحكم ، ويحتمل ما يطابقه من قول أهل الحقّ (ابْتِغاءَ الْفِتْنَةِ) طلب أن يفتنوا الناس عن دينهم بالتشكيك والتلبيس
ومناقضة المحكم بالمتشابه ، فيضلّونهم (وَابْتِغاءَ
تَأْوِيلِهِ) وطلب أن يؤوّلوه على ما يشتهونه. ويحتمل أن يكون الداعي
إلى الاتّباع مجموع الطلبتين ، أو كلّ واحدة منهما على التعاقب. والأوّل يناسب
المعاند ، والثاني يلائم الجاهل.
(وَما يَعْلَمُ
تَأْوِيلَهُ) الّذي يجب أن يحمل عليه (إِلَّا اللهُ
وَالرَّاسِخُونَ فِي الْعِلْمِ) والعلماء الّذين رسخوا في العلم ، أي : ثبتوا فيه
وتمكّنوا. ومن وقف على «الله» فسّر المتشابه بما استأثر الله تعالى بعلمه ، كمدّة
بقاء الدنيا ، ووقت قيام الساعة ، وخواصّ الأعداد كعدد الزبانية ، أو بما دلّ
القاطع على أنّ ظاهره غير مراد ،