ولمّا حثّ الله
سبحانه على الإنفاق ، وبيّن ما يحصل للمنفق فيه من الأجر العاجل ـ وهو نموّ المال
وزيادة بركته ـ والآجل ، من الثواب العظيم في جنّات النعيم ، عقّبه بذكر الربا
الّذي ظنّه الجاهل زيادة في المال ، وهو في الحقيقة محق في المال ، فقال : (الَّذِينَ يَأْكُلُونَ الرِّبا) وهو لغة : الزيادة. وشرعا : هو الزيادة على رأس المال ،
من أحد المتساويين جنسا ، ممّا يكال أو يوزن. والمراد بالجنس هنا هو الحقيقة
النوعيّة. ويتحقّق ذلك بكون الأفراد يشملها اسم خاصّ لنوعه. والزيادة قد تكون
عينيّة ، وهو ظاهر ، وحكميّة ، كبيع أحد المتجانسين بمساويه قدرا نسيئة.
والربا من
الكبائر المتوعّد عليه بالنار في آخر الآية ، ولقول الصادق عليهالسلام : «درهم ربا أعظم عند الله من سبعين زنية كلّها بذات
محرم في بيت الله الحرام». وقال عليّ عليهالسلام : «لعن رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم في الربا خمسة : آكله ، وموكله ، وشاهديه ، وكاتبه».
والمراد بآكل
الربا في الآية الآخذ. وإنّما خصّص الأكل بالذكر لأنّه أعظم منافع المال ، ولأنّ
الربا شائع في المطعومات. وإنّما كتب بالواو ـ كالصلاة ـ للتفخيم على لغة من
يفخّم. وزيدت الألف بعدها تشبيها بواو الجمع.
روي : أنّه كان
الرجل في الجاهليّة إذا حلّ له مال على غيره وطالبه به يقول