خيرا من الدخول فيه بقوله : (ثُمَّ اسْتَقامُوا)[١].
(لَهُمْ أَجْرُهُمْ
عِنْدَ رَبِّهِمْ وَلا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلا هُمْ يَحْزَنُونَ) عدم دخول الفاء ـ وقد تضمّن ما أسند إليه معنى الشرط ـ إيهام
بأنّهم أهل لذلك وإن لم يفعلوا ، فكيف بهم إذا فعلوا؟!
(قَوْلٌ مَعْرُوفٌ) ردّ جميل (وَمَغْفِرَةٌ) وتجاوز عن السائل إذا وجد منه ما يثقل على المسؤول ، أو
نيل مغفرة من الله بسبب الرّد الجميل ، أو عفو من جهة السائل ، لأنّه إذا ردّه
ردّا جميلا عذره (خَيْرٌ مِنْ صَدَقَةٍ
يَتْبَعُها أَذىً) خبر عنهما ، وإنّما صحّ الابتداء بالنكرة لاختصاصها
بالصفة. (وَاللهُ غَنِيٌ) عن الإنفاق بمنّ وإيذاء (حَلِيمٌ) عن معاجلة من يمنّ ويؤذي بالعقوبة. وفيه نوع من الوعيد.
ثمّ أكّد
سبحانه ما قدّمه بما ضرب من الأمثال ، فقال : (يا أَيُّهَا الَّذِينَ
آمَنُوا لا تُبْطِلُوا صَدَقاتِكُمْ) لا تحبطوا أجرها (بِالْمَنِّ وَالْأَذى) بكلّ واحد منهما (كَالَّذِي) كإبطال المنافق الّذي (يُنْفِقُ مالَهُ
رِئاءَ النَّاسِ وَلا يُؤْمِنُ بِاللهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ) لا يريد بإنفاقه رضا الله وثواب الآخرة ، أو مماثلين
الّذي ينفق رئاء الناس. والكاف في محلّ النصب على المصدر أو الحال. و «رئاء» نصب
على المفعول له أو الحال ، بمعنى : مرائيا ، أو المصدر ، أي : إنفاقا رئاء.
(فَمَثَلُهُ) مثل المرائي في إنفاقه (كَمَثَلِ صَفْوانٍ) كمثل حجر أملس (عَلَيْهِ تُرابٌ
فَأَصابَهُ وابِلٌ) مطر عظيم القطر (فَتَرَكَهُ صَلْداً) أملس نقيّا من التراب الّذي كان عليه (لا يَقْدِرُونَ عَلى شَيْءٍ مِمَّا كَسَبُوا) أي : لا ينتفعون بما فعلوا رئاء ، ولا يجدون ثوابه ،
كما لا ينتفع أحد بالتراب الّذي أذهبه المطر من الحجر الصلد ولا يجده. وضمير (لا يَقْدِرُونَ) للّذي ينفق ، باعتبار المعنى ، لأنّ المراد به الجنس أو
الفريق.