في الجهاد ، وأمّا غيره من الطاعات فإنّما يجزى بالواحدة عشرة أمثالها (كَمَثَلِ حَبَّةٍ) أو مثلهم كمثل باذر حبّة (أَنْبَتَتْ) أخرجت (سَبْعَ سَنابِلَ) ، أسند الإنبات إلى الحبّة لمّا كانت من الأسباب ، كما
يسند إلى الأرض والماء ، والمنبت على الحقيقة هو الله تعالى. والمعنى : أنّه يخرج
منها ساق يتشعّب منه سبع شعب (فِي كُلِّ سُنْبُلَةٍ) منها (مِائَةُ حَبَّةٍ). وهذا التمثيل لا يقتضي وقوعه ، وقد يكون في الذرة
والدخن ، وفي البرّ في الأراضي المغلّة. والغرض منه تصوير مضاعفة الحسنات ، كأنّها
موضوعة بحذاء العين.
(وَاللهُ يُضاعِفُ) تلك المضاعفة ، أي : يزيد على سبعمائة (لِمَنْ يَشاءُ) بفضله ، وعلى حسب حال المنفق من إخلاصه وتعبه (وَاللهُ واسِعٌ) لا يضيق عليه ما يتفضّل به من الزيادة (عَلِيمٌ) بنيّة المنفق وقدر إنفاقه واستحقاقه الزيادة.
روي : «أنّه
لمّا نزلت هذه الآية قال رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم : ربّ زد لأمّتي ، فنزل قوله : (مَنْ ذَا الَّذِي يُقْرِضُ اللهَ قَرْضاً
حَسَناً فَيُضاعِفَهُ لَهُ أَضْعافاً كَثِيرَةً)[١] ، فقال : ربّ زد لأمّتي ، فنزل : (إِنَّما يُوَفَّى الصَّابِرُونَ أَجْرَهُمْ
بِغَيْرِ حِسابٍ)[٢]».
ولمّا أمر
سبحانه بالإنفاق عقّبه ببيان كيفيّة الإنفاق ، فقال : (الَّذِينَ يُنْفِقُونَ أَمْوالَهُمْ فِي
سَبِيلِ اللهِ ثُمَّ لا يُتْبِعُونَ ما أَنْفَقُوا مَنًّا وَلا أَذىً). المنّ : أن يعتدّ على من أحسن إليه بإحسانه ، ويريد
أنّه أوجب عليه حقّا له ، بأن يقول له : ألم أعطك كذا؟ ألم أحسن إليك؟ ألم أغنك؟
ونحوها. والأذى : أن يتطاول عليه بسبب ما أنعم عليه ، بأن يقول له : أراحني الله
منك ومن ابتلائي بك. ويحتمل أن يكون معنى الأذى أن يعبّس وجهه عليه ، أو يؤذيه بما
يدفعه إليه. و «ثمّ» للتفاوت بين الإنفاق وترك المنّ والأذى ، وأنّ تركهما خير من
الإنفاق ، كما جعل الاستقامة على الإيمان