ظلموا أنفسهم بالامتناع عن قبول الهداية. وقيل : لا يهديهم محجّة الاحتجاج
، أو سبيل النجاة ، أو طريق الجنّة يوم القيامة.
(أَوْ كَالَّذِي مَرَّ
عَلى قَرْيَةٍ) تقديره : أو أرأيت مثل الّذي ، فحذف لدلالة «ألم تر»
عليه ، لأنّ كلتيهما كلمة تعجيب. وتخصيصه بحرف التشبيه ، لأنّ المنكر للإحياء كثير
، والجاهل بكيفيّته أكثر من أن يحصى ، بخلاف مدّعي الربوبيّة. ويجوز أن يحمل على
المعنى دون اللفظ ، كأنّه قيل : أرأيت كالّذي حاجّ إبراهيم أو كالذي مرّ على قرية.
وقيل : الكاف مزيدة ، وتقدير الكلام : ألم تر إلى الّذي حاجّ أو الّذي مرّ. وهو
عزير بن شرحيا على الرواية المأثورة عن أبي عبد الله عليهالسلام ، وعليه قتادة وعكرمة والسدّي. وقيل : أرميا. وهو
المرويّ عن أبي جعفر عليهالسلام. وقيل : الخضر ، أراد أن يعاين إحياء الموتى ليزداد
بصيرة كما طلبه إبراهيم. وقيل : كان المارّ كافرا بالبعث. ويؤيّده نظمه مع نمرود ،
ولكلمة الاستبعاد الّتي هي : أنّى يحيي؟
والقرية بيت
المقدس حين خرّبه بختنصّر. وقيل : القرية الّتي خرج منها الألوف. وقيل : غيرهما.
واشتقاقها من القري ، وهو الجمع.
(وَهِيَ خاوِيَةٌ عَلى
عُرُوشِها) خالية ساقطة حيطانها على سقوفها ، أي : كانت سقوفها
سقطت أوّلا ثمّ وقع البنيان عليها (قالَ أَنَّى يُحْيِي
هذِهِ اللهُ بَعْدَ مَوْتِها) اعترافا بالقصور عن معرفة طريق الإحياء ، واستعظاما
لقدرة المحيي إن كان القائل مؤمنا ، واستبعادا إن كان كافرا. و «أنّى» في موضع نصب
على الظرف بمعنى متى ، أو على الحال بمعنى كيف. ومعناه : أنّى أو كيف يعمر الله
هذه القرية؟ فأطلق لفظ القرية وأراد أهلها.
(فَأَماتَهُ اللهُ
مِائَةَ عامٍ) فألبثه ميّتا مائة عام ، أو أماته فلبث ميّتا مائة عام (ثُمَّ بَعَثَهُ) بالإحياء. قيل : إنّه مات ضحى ، وبعث بعد مائة سنة قبل
غيبوبة الشمس.