الأخرى فانكسرتا ، ثمّ أوحى إليه : قل لهؤلاء : إنّي أمسك السموات والأرض
بقدرتي ، فلو أخذني نوم أو نعاس لزالتا».
(مَنْ ذَا الَّذِي
يَشْفَعُ عِنْدَهُ إِلَّا بِإِذْنِهِ) «من» استفهاميّة مرفوعة الموضوع بالابتداء ، و «ذا» خبره ، و «الذي» صفة «ذا»
أو بدله. ومعنى الاستفهام الإنكار والنفي.
وهذا بيان
لكبرياء شأنه وملكوته ، وأنّه لا أحد يساويه أو يدانيه ، يستقلّ بأن يدفع ما يريده
شفاعة واستكانة ، فضلا عن أن يعاوقه عنادا أو مناصبة.
والمعنى : أنّه
لا يملك أحد أن يتكلّم يوم القيامة في شفاعة الغير إلّا إذا أذن له في الكلام.
وهذا زعم المشركين ، فإنّهم يزعمون أنّ الأصنام تشفع لهم ، فأخبر الله تعالى أنّه
لا شفاعة عنده إلّا بإذنه وأمره.
(يَعْلَمُ ما بَيْنَ
أَيْدِيهِمْ وَما خَلْفَهُمْ) الضمير لما في السموات والأرض ، لأنّ فيهما العقلاء ،
أو لما دلّ عليه (مَنْ ذَا الَّذِي) من الملائكة والأنبياء ، أي : يعلم ما كان قبلهم وما
يكون بعدهم ، ويعلم أحوالهم ، والمرتضى فيهم للشفاعة وغير المرتضى. أو يعلم ما
بعدهم وما قبلهم ، عكس الأوّل ، لأنّك مستقبل المستقبل مستدبر الماضي. أو يعلم
أمور الدنيا وأمور الآخرة ، أو عكسه ، أو ما يحسّونه وما يعقلونه ، أو ما يدركونه
وما لا يدركونه.
(وَلا يُحِيطُونَ
بِشَيْءٍ مِنْ عِلْمِهِ) من معلوماته (إِلَّا بِما شاءَ) إلّا بما علم واطّلع عليه. والإحاطة بالشيء علما أن
يعلم كما هو في الحقيقة. وعطف ذلك على ما قبله ـ أعني : قوله : (يَعْلَمُ ما بَيْنَ أَيْدِيهِمْ) ـ لأنّ مجموعهما يدلّ على تفرّده بالعلم الذاتي الدالّ
على وحدانيّته.
(وَسِعَ كُرْسِيُّهُ
السَّماواتِ وَالْأَرْضَ) هذا تصوير لعظمته وتمثيل مجرّد ،