مزيّة مرتبته على سائر الأنبياء ، عقّبه بالحثّ على الطاعة ، فقال : (يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَنْفِقُوا
مِمَّا رَزَقْناكُمْ) ما أوجبت عليكم إنفاقه (مِنْ قَبْلِ أَنْ
يَأْتِيَ يَوْمٌ لا بَيْعٌ فِيهِ) لا تجارة فيه ، أي : من قبل أن يأتي يوم لا تقدرون فيه
على تدارك ما فرّطتم من الإنفاق والخلاص من عذابه ، إذ لا بيع فيه فتبتاعوا ما
تنفقونه أو تفتدون به من العذاب (وَلا خُلَّةٌ) صداقة حتّى يسامحكم أخلّاؤكم به أو يعينكم عليه (وَلا شَفاعَةٌ)(إِلَّا مَنْ أَذِنَ لَهُ الرَّحْمنُ وَرَضِيَ
لَهُ قَوْلاً)[١] حتى تتّكلوا على شفعاء تشفع لكم في حطّ ما في ذممكم.
فلفظ شفاعة وإن
كان عامّا إلّا أنّه يراد به الخاصّ بلا خلاف ، ولقوله تعالى : (وَلا يَشْفَعُونَ إِلَّا لِمَنِ ارْتَضى)[٢] و (مَنْ ذَا الَّذِي
يَشْفَعُ عِنْدَهُ إِلَّا بِإِذْنِهِ)[٣] ، ولأنّ الأمّة أجمعت على إثبات الشفاعة يوم القيامة.
وإنّما رفعت
الثلاثة مع قصد التعميم لأنّها في التقدير جواب : هل فيه بيع أو خلّة أو شفاعة؟
وقد فتحها ابن كثير ويعقوب وأبو عمرو على الأصل.
(وَالْكافِرُونَ هُمُ
الظَّالِمُونَ) يريد : والتاركون للزكاة هم الّذين ظلموا أنفسهم ، أو
وضعوا المال في غير موضعه ، وصرفوه على غير وجهه ، فوضع الكافرون موضعه تغليظا
وتهديدا ، كقوله : (وَمَنْ كَفَرَ)[٤] مكان : من لم يحجّ ، وإيذانا بأنّ ترك الزكاة من صفات
الكفّار ، كقوله : (وَوَيْلٌ
لِلْمُشْرِكِينَ * الَّذِينَ لا يُؤْتُونَ الزَّكاةَ)[٥].