انقضت عدّتهنّ (فَلا تَعْضُلُوهُنَ) لا تمنعوهنّ ظلما (أَنْ يَنْكِحْنَ
أَزْواجَهُنَ) عن رجوعهنّ إلى أزواجهنّ. وقال السدّي : نزلت في جابر
بن عبد الله عضل بنت عمّ له.
وقال الراوندي [١] : الخطاب
للأزواج ، لقوله : (وَإِذا طَلَّقْتُمُ
النِّساءَ) ، ولأنّه لا ولاية عندنا على البالغة الرشيدة ، ولإسناد
النكاح إليها في قوله : «أن ينكحن». فعلى هذا يكون المعنى : لا تعضلوهنّ عن أن
ينكحن بأكفائهنّ. فتسمية الخطّاب أزواجا تسمية الشيء باسم ما يؤول إليه على وجه
المجاز. والعضل بمعنى الحبس والتضييق ، ومنه : عضلت الدجاجة إذا نشبت بيضتها فلم
تخرج.
(إِذا تَراضَوْا
بَيْنَهُمْ) أي : الخطّاب والنساء. وهذا ظرف لـ «أن ينكحن» أو «لا
تعضلوهنّ» (بِالْمَعْرُوفِ) بما يعرفه الشرع وتستحسنه المروءة. فهو حال من الضمير
المرفوع ، أو صفة مصدر محذوف ، أي : تراضيا كائنا بالمعروف. وفيه دلالة على أنّ
العضل عن التزوّج من غير كفؤ غير منهيّ عنه.
(ذلِكَ) إشارة إلى ما مضى ذكره من الأمر والنهي. والخطاب للجميع
على تأويل القبيل ، أو كلّ واحد ، أو أن الكاف لمجرّد الخطاب ، والفرق بين الحاضر
والمنقضي دون تعيين المخاطبين ، أو للرسول على طريقة قوله : (يا أَيُّهَا النَّبِيُّ إِذا طَلَّقْتُمُ
النِّساءَ)[٢] للدلالة على أنّ حقيقة المشار إليه أمر لا يكاد يتصوّره
كلّ واحد. (يُوعَظُ بِهِ مَنْ
كانَ مِنْكُمْ يُؤْمِنُ بِاللهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ) لأنّه المتّعظ به والمنتفع.
(ذلِكُمْ) أي : العمل بمقتضى ما ذكر (أَزْكى لَكُمْ) أعظم بركة وأنفع (وَأَطْهَرُ) من أدناس الآثام (وَاللهُ يَعْلَمُ) ما فيه من النفع والصلاح لكم من الأحكام الشرعيّة (وَأَنْتُمْ لا تَعْلَمُونَ) لا تعلمونه ، لقصور علمكم.